لا شيء يبرر استفادة كبار المسؤولين و النافذين من بقع أرضية مخصصة لبناء فيلات فاخرة على مساحات شاسعة ( حوالي 4 آلاف متر مربع) مقابل ثمن رمزي ( من 350 الى 370 درهم للمتر الواحد ) في حين أن ثمنها الحقيقي هو عشرة أضعاف هذا الثمن , صحيح أن هناك مرسوم حكومي ينظم كيفية الاستفادة من تلك البقع , و صحيح أيضا , أن أغلب فئات الموظفين بالدولة لهم مؤسسات اجتماعية تهتم بتوفير المساعدة لهم في الحصول على السكن و الصحة و الترفيه ... و إن كان أغلب تلك المؤسسات يعاني من فقر مدقع في الخدمات و كساح مزمن في الانجازات . هذه الفضيحة المكتشفة تثبت ما كان مثبتاً بالأساس , فالموظفون السامون و بعض الزعماء السياسيين يتمتعون بأجور و امتيازات خيالية لا تمت بصلة الى ما يعانيه باقي أفراد الشعب من فقر و معاناة , كنوع من اقتسام كعكة الوطن و شراء الولاءات و الذمم , لا أحد يمكنه أن يجادل في أن شبكة الانتفاع و المصالح التي تربط رجال السلطة برجال السياسة و المال قديمة و راسخة في بلدنا الحبيب , بل إن شبكات المصالح تلك هي التي تكولس المشهد السياسي و تتحكم في مسارات الصراع الاجتماعي , و تحدد آليات الانتفاع الاقتصادي و المالي , فالمسألة أكبر من بقعة أرضية هنا أو هناك وإن كان فارق الثمن يمثل ثروة حقيقية و بلا مبالغة ( حوالي مليار و 600 مليون سنتيم). رغم كل ما سبق , لا يمكن النظر الى تعبئة الكتائب الالكترونية لحزب المصباح خلف هذا الموضوع و الى الوثائق العقارية المسربة إلا بعين الشك و الريبة , فالحزب دخل معركة غير معلنة من تصفية الحسابات و الابتزاز السياسي , في محاولة للرد على جملة من القرارات التى اتخذتها وزارة الداخلية بخصوص انتخابات السابع من أكتوبر المقبلة , كتخفيض العتبة الى 3 بالمائة و إلغاء تسجيلات الناخبين الإلكترونية التي تمت بدون موافقة أصحابها أو بشكل جماعي منظم من حاسوب واحد. فهي إذن , رسالة رد و ابتزاز لإرغام وزارة الداخلية على وقف هكذا إجراءات و قرارات ... و هنا يحق لنا التساؤل , لما لم يتم تسريب قوائم رخص الصيد في أعالي البحار و مقالع الرمال... بنفس طريقة تسريب عقود البيع و الشراء ؟ من سربها ؟ و لما الآن ؟ و لأي هدف ؟ ... لماذا لم يسلك الحزب الطرق القانونية و يعمل على إصدار مرسوم حكومي ليلغي المرسوم السابق أو يعدله , بدل الانخراط في حملة الفضائح و التشهير ؟ دافع عن حقك في وطنك ...ولا تكن رصاصة في بندقية غيرك