يستمر الجدل السياسي والإعلامي، في المغرب، حول فضيحة تفويت بقع أرضية، من الملك الخاص للدولة، لمسؤولين كبار في البلاد، على الرغم من ضرب الحكومة، جدار الصمت المطبق إزاء ما بات يعرف إعلاميا بفضيحة بقع "خدام الدولة". وسكتت الحكومة، في اجتماعها الأسبوعي، أمس الخميس، عن جدل الفضيحة، التي تضمنت إسم وزيرين من أعضائها، الأمر الذي فسرته جهات مقربة من الحكومة بأنه "رسالة احتجاجية ضمنية لخدام الدولة"، في مقابل تفسير ذهبت له أوساط حقوقية بالبلاد، كون صمت الحكومة، هو "فشل وعدم امتلاك الشجاعة السياسية"، لإبداء موقف رسمي واضح إزاء فضيحة التفويت، على الرغم من حدة الجدل. وعلى الرغم من نزوح الحكومة بعيدا عن هذا الجدل، إلا أنه استطاع إزاحة الضوء عن تورط والي الرباط، عبد الوافي الفتيت، عبر تسريب وثائق أخرى، تكشف أسماء جديدة من مسؤولي الدولة، خاصة في صفوف الحكومة، والمحيط الملكي، استفادت من بقع "خدام الدولة"، قبل الوالي، عام 2002. وبذلك، ما تزال جملة من الأسئلة، مطروحة، بدءا من وجود مرسوم التفويت، الذي سكتت الحكومة، عن تأكيد وجوده، في البرلمان ومجلسها الأسبوعي، ووصولا لسؤال تكلفة هذه البقع، بالنسبة لخزينة الدولة؟ السعر المرجعي أفادت مصادر في مصالح التوثيق العقاري بالعاصمة، آثرت عدم ذكر إسمها ل"اليوم24″، ان السعر المرجعي، للبقع الأرضية المحادية لطريق زعير، بالعاصمة، لا يقل عن 7500 درهم للمتر المربع الواحد، وقد يصل إلى حدود 20 ألف درهم، للمتر مربع، في حالة ما كان ضمن الأملاك الخاصة للدولة (كما هو الشأن لتجزئة بقع مكيرنزة، في طريق زعير، المفوتة لفائدة "خدام الدولة"). وحسب معطيات استقاها "اليوم24′′، من مصادر خبيرة في التوثيق العقاري، يصل السعر المرجعي، للأراضي المحاذية لطريق زعير، على مسافة 1 كلم، سواء المملوك للدولة أو الخواص، إلى حوالي 15 ألف درهم، للمتر المربع. وجوابا عن سؤال قيمة السعر المرجعي للبقع الأرضية، في المنطقة نفسها، في الفترة ما بين 2000 و2004، أفادت مصادر "اليوم24″، انها "لا تقل عن 3000 درهم، بالنظر للبعد عن الطريق الرئيسية ب5 كلم، فما فوق، ولا تقل عن 8000 درهم للمتر في التجزئات المجانبة للطريق الرئيسية". خسارة خزينة الدولة وتظهر مجمل التسريبات المتعلقة ببقع "خدام الدولة"، 66 بقعة أرضية، منذ مستهل الأسبوع الجاري، تضمنت أسماء شخصيات عمومية نافذة، منها مسؤولين على رأس شركات كبرى بالبلاد، ووزراء، وعسكريين، وأعيان من الصحراء، ومقربين من القصر الملكي، واماراتيين. وحسب المعطيات المتوفرة، يتحدد متوسط مساحة كل من بقع تجزئة "مكيرنزة"، محل الجدل، في 4800 متر مربع، أي بما مجموعه 316 هكتار، و800 متر مربع. وبالنظر إلى السعر المرجعي الأقل على الإطلاق في الفترة ما بين 2000 و2004، حيث فوتت أغلب البقع، تكون القمية المالية لكل من بقع تجزئة "مكيرنزة"، محددة في حوالي 14 مليون و400 ألف درهم، للبقعة الواحدة (على أساس السعر المرجعي الأقل على الإطلاق)، أي بقيمة 950 مليون و400 ألف درهم، للبقع ال66 في كامل التجزئة. وبالرجوع إلى عقود البيع المسربة، نجد ان السعر البخس، الذي فوتت بموجبه أملاك الدولة، لفائدة "خدام الدولة"، لا يتعدى 370 درهم للمتر مربع، أي مليون و776 ألف درهم، للبقعة الواحدة (4800 متر مربع)، أي بقيمة إجمالية 117 مليون و216 ألف درهم. وبذلك، تكون عملية تفويت بقع "خدام الدولة"، قد كلفت الخزينة العامة للدولة، خسارة مالية كبيرة، بقمية 833 مليون و184 ألف درهم. خسارة بضعفي ميزانية جهة الرباط الخسارة التي تكبدتها خزينة الدولة، جراء التفويت الرمزي، الخارج عن القانون، لفائدة ما سمي ب"خدام الدولة"، بلغت 833 مليون و184 ألف درهم. وهي الخسارة، التي تمثل حوالي ضعفي الميزانية الاجمالية لجهة الرباط -سلا – القنيطرة، التي لا تتعدى 454 مليون و603 ألف درهم، كما صادق عليها مجلس الجهة، برسم الميزانية التعديلية لسنة 2016. حرج سياسي وأمام هذه الخسارة، تظل الحكومة، ومعها وزارة الاقتصاد والمالية، في صمت مطبق مريب، عدلت عن إبداء أي موقع رسمي واضح، بإسم الحكومة، على الرغم من اتساع رقعة الجدل حول فضيحة التفويت. وحزبيا، تضاربت مواقف ثلاثة أحزاب سياسية، إزاء الفضيحة، بين كل من حزبي "التقدم والاشتراكية"، وحليفه "البيجيدي"، اللذين طالبا ب"توضيح معايير التفويت"، في مقابل حزب "التجمع"، الذي "حذر من إثارة الموضوع بهدف المس بهبة الدولة". وبذلك، تصير الحكومة، أمام أول فضيحة سياسية وأخلاقية، عجزت (لحدود اليوم)، عن تبريرها وتحديد السمؤوليات فيها.