عد الانقلاب الفاشل في تركيا، تحرّك مباشرة موقع ويكيليكس وبدأ ينشر مجموعة من الوثائق تخص هذا البلد.. توقيت نشر مثير للحيرة جعل الإعلامي فبصل القاسم يدبج مقالا يطرح فيه الكثير من التساؤلات والحقائق عن هذا الموقع: عندما ظهر موقع ويكيليكس الشهير قبل سنوات، وبدأ ينشر مراسلات وزارة الخارجية الأمريكية، راح الكثيرون يطبلون ويزمرون للموقع، واعتبروه فتحاً مبيناً في عالم حرية التعبير والإعلام، خاصة وأنه اقتحم كواليس السفارات الأمريكية وأسرارها ومؤامراتها حول العالم. ولم تبق وسيلة إعلام عربية إلا وهللت لويكيليكس، واستضافت المفكرين والمحللين والخبراء لتحليل خطورة وأهمية ويكيليكس في المجالين السياسي والإعلامي. ولعل أكثر ما أثار انتباهنا عندما ظهر الموقع على الساحة أنه قدم نفسه للعالم على أنه يتحدى أمريكا والغرب، ويفضح أسراره. وقد ساهمت الحملة الغربية ضد موقع ويكيليكس وقتها في زيادة شهرة الموقع وإشهاره، فقد ادعت السويد على صاحب الموقع جوليان أسانج، واتهمته باغتصاب فتاة سويدية، وطالبت بريطانيا بتسليمه. أما أمريكا فطالبت بتسليمه للسلطات الأمريكية لمحاكمته على فضح ملفاتها الدبلوماسية. ولا ننسى أن أمريكا اعتقلت موظفاً أمريكيا اسمه وادين ماننغ كان يعمل محللاً في وكالة الاستخبارات الأمريكية وقتها بتهمة تسريب ملفات الكترونية لموقع ويكيليكس. كل ذلك جعلنا نتحمس كثيراً للموقع، ونتعاطف ونتضامن معه، على اعتبار أنه يواجه حيتان العالم، ويفضح ملفاتهم السياسية والدبلوماسية والإعلامية. هل يا ترى خدعنا موقع ويكيليكس بدعم من الذين تظاهروا في البداية بمعاداته وملاحقته كأمريكا وغيرها؟ لا نستطيع أن نجزم حتى الآن بأن الموقع ذراع ابتزاز أمريكي أو غير أمريكي، خاصة وأن صاحبه لجأ إلى سفارة الإكوادور في لندن هرباً من الملاحقات الغربية، ومازال هناك حتى هذه اللحظة. وقد بدأ جوليان أسانج قبل شهر تقريباً سنة خامسة من اللجوء فى السفارة المذكورة فى لندن التى احتمى داخلها منذ 19 يونيو 2012 . والغريب أن الموقع ظل نشطاً رغم محاصرة صاحبه في سفارة الإيكوادور، واستهدف تحديداً المملكة العربية السعودية قبل أكثر من سنة عندما نشر مراسلات وزارة الخارجية السعودية. والأغرب من ذلك أنه أصبح مقرباً من روسياوإيران، خاصة وأن صاحبه يظهر كثيراً على قنوات روسيا اليوم، لا بل ينشر فضائحه الالكترونية في صحيفة الأخبار اللبنانية التابعة لإيران، مما جعل البعض يتهم ويكيليكس بأنه يعمل لصالح إيران ضد السعودية، خاصة وأنه لم يستهدف إيران ولا روسيا حتى الآن. لا نحاول بأي حال من الأحوال توجيه التهم للموقع بقدر ما نحاول أن نطرح بعض الأسئلة حول تحركاته وانتقائيته. ولا يمكن حتى اتهمامه بأنه ذراع لأحد، لكن عندما نراه محل ترحيب كبير في وسائل الإعلام الروسية والإيرانية، من حقنا أن نسأل: لماذا هذا التقارب المفضوح بين موقع ويكيليكس من جهة وروسياوإيران من جهة أخرى؟ ومما يثير تساؤلاتنا أكثر الآن هو أن الموقع تحرك فجأة ضد تركيا بعد أن فشل الانقلاب ضد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. لماذا بدأ الموقع ينشر فجأة مراسلات الأحزاب التركية السرية، وخاصة حزب العدالة والتنمية الحاكم بعد أن خرج أردوغان وحزبه منتصراً ضد الطغمة العسكرية التي حاولت الإطاحة به قبل أيام قليلة؟ لقد شعرت الحكومة التركية بأن الموقع يستهدفها بشكل مفضوح بعد فشل الانقلاب، فأمرت بحجب الموقع في جميع أنحاء البلاد. أليس من حق الأتراك وكل من يتعاطف معهم أن يتساءل الآن: لماذا هذا التوقيت في نشر مراسلات الأحزاب التركية؟ لصالح من يحاول موقع ويكيليكس فضح الملفات الحزبية والسياسية التركية؟ كثيرون ومنهم مسؤولون أتراك كبار اتهموا أمريكا بترتيب الانقلاب ضد أردوغان، خاصة وأن الحكومة التركية اعتقلت العديد من الضباط المتورطين في المحاولة الانقلابية في قاعدة انجيرليك التركية التي يستخدمها الأمريكيون منذ عشرات السنين، وتعتبر مجالاً حيوياً أمريكياً في تركيا؟ البعض تساءل: هل تأتي محاولات موقع ويكيليكس لابتزاز تركيا الآن والضغط عليها إعلامياً بعد فشل الانقلاب انتقاماً من السلطات التركية التي أجهضت المخطط الأمريكي؟ هل أوعزت روسياوإيران للموقع باستهداف تركيا بعد أن كانتا تراهنان على سقوط الرئيس أردوغان، وفشلتا؟ هذه الأسئلة وغيرها تجتاح مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة في صفحات ملايين العرب الذين يتعاطفون مع تركيا، وفرحوا بفشل انقلابها. هل بدأ أعداء تركيا بمن فيهم أمريكاوروسياوإيران في تنفيذ الخطة باء ضد تركيا من خلال ويكيليكس، بعد أن فشلت الخطة ألف المتمثلة بالانقلاب العسكري؟