راج في بعض الصحف اليوم والمواقع الاليكترونية أن الحكومة والبرلمان يعتزمان الدفع بتمرير القوانين الخاصة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية في الأنفاس الأخيرة للولاية التشريعية الحالية في إطار دورة استثنئية للبرلمان. إذا صح الخبر وجب التصفيق والإشادة بالعمل الجبار الذي قامت به الحكومة الحالية للإمعان في إقبار الأمازيغية وإذلالها وتبخيس كل مكتسباتها، مستغلة ضعف القوة الاقتراحية للمعارضة واستكانة أحزاب الائتلاف الحكومي ومهادنتهم لها، وغياب أي ضغط شعبي يدين ممارساتها وينتقدها على مدى الخمس سنوات المنصرمة. كيف لا وهي التي مررت مخططات تراجعية جهنمية مست مجالات هامة كصندوق المقاصة، والتقاعد، والقانون الجنائي....الخ طغت الحكومة، وعلى رأسها حزب العدالة والتنمية، على الشعب مستغلة الظرفية الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المغرب والمنطقة ككل، بنهج سياسات عصفت بمكتسبات اجتماعية واقتصادية مهمة للشعب المغربي. كما أنها أجادت المناورة السياسية، وعرفت كيف تتحين الفرص، متى تبتز ومتى تهادن وتغازل. دبرت المرحلة بدهاء منقطع النظير استطاعت أن تتكيف معه كالحرباء، تارة نعامة تدفن رأسها في الرمل حتى تسلم من العواصف والمكائد التي تتربص بها، وتارة أسد يزأر يصول ويجول ويبرز انيابه في وجه الجميع. مكنها من تنفيذ أجندتها كما يحلو لها، وضمان استمرارها على رأس الحكومة، وإن تطلب ذلك تقديم كل فروض الطاعة تارة أو الابتزاز تارة أخرى. إذا استطاعت الحكومة أن تمرر القانونين بصيغتها ورؤيتها، وفي الوقت بذل الضائع من الولاية الحكومية الحالية، يكون حزب العدالة والتمنية نجح في قلب كل التوازنات السياسية ويرسخ نفسه كقوة سياسية حقيقة تصنع الأجندات وتتحكم فيها كما يشتهي، ويكشف وهن وهامشية باقي الأحزاب حيث عجزت عن مجاراته وعن تحقيق بعض التنازلات التي قد اضمن لها ماء وجهها. تهريب النقاش والقانونين الى دورة استثانئية للبرلمان في آخر نفس الولاية التشريعية، وفي صيف قائض وحار على إيقاع حملة انتخابية للتشريعيات المقبلة اختار موفق وسيناريو محبوك لا يمكن التكهن به ولو من أكثر الساسة دهاء وخبثا. بفعل كهذا يكون دهاء البواجدة، قد حقق مبتغاه، أولا باحترامه للدستو بخصوص الزامية اخراج كل القوانين التنظيمية قبل نهاية الولاية التشريعية من جهة، والاستجابة لانتظارات الحركة الامازيغية من جهة ثانية وحفظ ماء وجه من ورطتهم الحكومة في استشاراتها الصورية في مسلسلاتها الغربية للتشاور بخصوص القوانين التنظيمية الخاصة بتفعيل الطابع الرسمي للغة الأمازيغية والمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. ما أسعف وساعد الحكومة في تنفيذ مخططاتها هو خذلان، وانخراط بعض مكونات الحركة الأمازيغية في المسرحية السيئة الإخراج لعملية التشاور بخصوص القانونين المذكورين إلى جانب انخراط جزء آخر في عملية إعداد سرية، منهجية ارتكزت على الكولسة مع صبق الصرار والترصد، ضدا على كل المبادئ والممارسات الديمقراطية الشفافة، التي يفترض الارتكان اليها في منهجية اعداد تشاركية لمشاريع القوانين والسياسات العمومية. ونتيجة ذلك ان الجميع مازال ينتظر مخرجات ومقترحات ما سمي بلجنة اعداد القنون التنظيمي للغات والثقافة المغربية، والتي لا زالت "مجهولة المصير والمخرجات"، ودون ان تكلف الحكومة وتلك المؤسسات وأولئك الأفراد المشاركين فيها أنفسهم عناء شرح وتفسير ما يقع. وهي أكبر عملية استهزاء تتعرض له الحركة الأمازيغية مؤسسات وأفراد؛ حيث لم يسجل ان سبق وتعاملت الحكومة بنفس سياسة الاستخفاف، الا أن استعداد البعض ليلعب دور الكومبارس في أغرب عملية استشارة وتشاور قادتها الحكومة الحالية، لشرعنة مقترحات أعدت من تحت الطاولة ودبرت في ليل. ويأتي هذا في هذه الضرفية الحساسة ليضفي مصداقية على رئيس الجكومة الذي سبق له أن كشف، عبد الإله بنكيران، م قبل على جاهزية القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية الذي نص عليه الدستور، معلنا أنه "تم إعداد مشروع القانون التنظيمي الذي سيعرض، في غضون الأيام القليلة المقبل، على مجلس الحكومة، إلى جانب القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية". وإذ يصعب التكهن بمخرجات هذه الدورة الاستثنائية، في حال التئامها، وهو أمر ممكن ووارد نظرا لتوفر الحكومة على الشروط القانونية والمسطرية لتمرير ذلك عبر قناة البرلمان. بالنظر الى سياسة ونهجية عمل الحكومة الحالية، فلا يمكن توقع الأفضل، فكل المؤشرات سلبية ولا تبشر بالخير، ونتمنى ان تكون المقترحات المقدمة عند الحد الأدنى الممكن، لان الوقت والسياق لايخولاننا هامشا للنقاش والتداول وإبداء الرأي بخصوص "المقترح الحكومي" المنتظر، لاننا على بعد أقل من عشرين يوما فقط من نهاية الدورة التشريعية الحالية.