تناقلت مختلف المنابر الإعلامية الالكترونية نص البلاغ الصادر عن المديرية العامة للأمن الوطني حول المباراة التي جرت صباح يوم الأحد 10 يوليوز لتوظيف حراس أمن ورجال شرطة في مختلف أسلاك الأمن. وقد تضمن البلاغ عددا من المعطيات الرقمية. وتوقف الذين قاموا بتحريره عند المعطيات المتعلقة بحالات الغش التي تم ضبطها في مختلف المراكز التي احتضنت المباراة . فتم تناولها بتفصيل احتل الشق الأول من نص البلاغ. فذكروا أن مسألة الغش انخرط فيها مرشحون، قد يلتحقون بمختلف أسلاك الأمن، وآخرون يزاولون المهام حاليا في تلك الأسلاك. والملاحظ أنها شكلت مادة دسمة بالنسبة للمعلقين. ولعل أبرز التعاليق، تلك التي أوضح أصحابها كيف أن الغش ينخر جسم مؤسسة يفترض أن تتقدم المؤسسات المحاربة لهذه الظاهرة. ونريد التوقف، من جانبنا، عند معطيات رقمية تضمنها الشق الثاني من نص البلاغ. ووردت في شكل إشارة لا أقل ولا أكثر. وتتعلق بعدد المرشحين الذي اجتازوا المباراة بالفعل. إذ يذكر البلاغ أن المائتين وخمسة مراكز المنتشرة في مختلف مدن المملكة، استقبلت 164 ألفا و399 مرشحا ومرشحة. يتألفون من 137 ألف و494 ذكرا و26 ألف و845 أنثى. وتثير هذه الأرقام الملاحظات التالية : - أولا : يبدو أن هذا العدد من المرشحين تطلب من المصالح الإدارية للجهة المنظمة للمباراة بذل جهود جبارة منذ لحظة الشروع في استقبال ملفات الترشيح حتى تاريخ إجراء المباراة. وستستمر هذه الجهود حتى تاريخ الإعلان النهائي عن أسماء المقبولين. - ثانيا : يبدو هذا العدد ضخما. ويمثل حوالي ثلث عدد المرشحين الذين تم تسجيلهم لاجتياز امتحانات البكالوريا برسم دورة يونيو 2016. فقد بلغ عددهم الإجمالي، حسب وزارة التربية الوطنية، 431 ألف و934 مرشحا ومرشحة. يمثل الذكور نسبة 55 في المائة منهم. نجح من بينهم 158 ألف و933 مرشحا في الدورة العادية. - ثالثا : يبدو عدد المرشحين للمباراة ضخما أكثر بالنظر إلى عدد المناصب المتبارى بشأنها، والتي تبلغ حوالي 5100 منصب. - رابعا : يفيد هذا العدد بأن نسبة حاملي شهادة، البكالوريا أو الإجازة، الباحثين عن عمل، في ارتفاع مستمر منذ سنوات. وتكتسي المسألة أهمية قصوى إذا علمنا بأن عددا ممن اشتركوا في مباراة يوم الأحد، هم من الطلبة الحاصلين على الإجازة، أو دبلوم سلك التكوين في التدبير الإداري، ومن الطلبة الحاصلين على دبلوم الدراسات الجامعية العامة أو دبلوم الدراسات الجامعية المهنية، ومن الطلبة الذين يتابعون دراساتهم بأحد الفصول (بين الفصلين الأول والسادس) في مختلف كليات المملكة. - خامسا : يفصح هذا العدد عن مدى حجم أعداد "اللاهثين" وراء فرصة عمل. ونعتقد أن هؤلاء "اللاهثين" يمثلون قنابل موقوتة يمكن أن تنفجر في أي لحظة لا قدر الله. وحتى وإن لم تنفجر، فإن عددا من الراسبين منهم، والذين انتظروا هذه الفرصة للقطع مع البطالة، أو الذين سينتظرون فرصا أخرى قد تأتي ولن تأتي، سيركبهم اليأس. وقد يفكر بعضهم في الالتحاق بالخلايا الإرهابية النائمة أو "المستيقظة". وقد يسعى بعضهم لامتطاء قوارب الموت. وقد يعمل بعضهم على تعزيز صفوف "الفراشة" الذين ضاقت بهم مدننا. وباتوا يقضون مضجع السلطات العمومية بشكل حاد. وفي أحسن الأحوال، قد يفقد بعضهم حب هذا الوطن. وتبعا لجميع هذه الاعتبارات، نعتقد أن الوقت حان لانكباب المسؤولين عن هذا البلد جديا على إيجاد مخارج لمعظلة بطالة حملة الشهادات بدل المماطلة والتسويف والبحث عن آليات وما الى ذلك من تخريجات. [email protected]