أكدت الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة حكيمة الحيطي أنها لن تستقيل من الوزارة على خلفية ما بات يعرف ب"النفايات الإيطالية"، مؤكدة أنها هي من طالبت بفتح تحقيق من طرف وزارة الداخلية، مشددة على أنها ستتوجه إلى المؤسسات الأوروبية من أجل التحقيق أكثر في الموضوع. الحيطي التي كانت تتحدث خلال ندوة استدعيت لها الصحافة والمجتمع المدني، بمقر الوزارة بالرباط، شددت على أن المواد المستوردة من إقليم باسكارا بإيطاليا ليست بنفايات بمفهومها الكلاسيكي، ولكنها محروقات صلبة بديلة، خاضعة للمعالجة والتجفيف، وتم خلطها بنسب محددة تسمح برفع قوتها الحرارية لاستعمالها كبديل حراري، وموجهة للتثمين الطاقي في معامل الحرق من أجل إنتاج الطاقة طبقا لمتطلبات التصنيف ومقتضيات معايير NF-EN-15359. الوزيرة المنتدبة واصلت ردها على الاتهامات الموجهة إليها بعد صفقة "النفايات الايطالية"، وزادت: "أنا مواطنة مغربية قبل أن أكون وزيرة، هل تتخيلون أنني سأقبل بالضرر لبلدي، المواد المستوردة غير ضارة بالصحة، واستيرادها تم تحت مقتضيات اتفاقية بال التي تسمح باستيراد النفايات غير الخطرة"، مؤكدة أن المغرب يستورد سنويا 450 ألف طن من النفايات المعالجة. وشددت الحيطي على أن استيراد النفايات المعالجة يتطلب الخضوع لمساطر دقيقة فرضتها الوزارة، منها توفير 19 وثيقة أساسية، مبرزة أنها قد طالبت بخبرة جديدة حول الشحنة التي أثير حولها الجدل، وزادت: "أنا لم أرخص لاستيراد الشحنة أو حرقها إلى حد الساعة، وكما يقول المغاربة مازال مادرنا فالطاجين ما يتحرق"، موردة أن أوروبا لوحدها استعملت 20 مليون طن من هذه المواد كبديل حراري، وذلك خلال سنة 2015 فقط. وأكدت الوزيرة المنتدبة في البيئة أنه في حالة ثبوت عدم مطابقة المواد المستوردة للمعايير، فسيتم إرجاعها إلى البلد المصدر بشكل فوري، وبالتالي سيحرم المصنع المستورد من التصريح بالحرق، وأضافت: "وفي حالة مطابقة التحاليل للمعايير المعتمدة، فسيتم إجراء تجريب لمراقبة الانبعاثات الهوائية خلال الحرق لمراقبة مدى احترام معايير الملفوظات الهوائية، وذلك من طرف شركة الاسمنت، وبحضور الشرطة البيئية والمختبر الوطني للبيئة والمختبر العمومي للتجارب والدراسات". الحيطي أوردت أن تأخرها في تقديم توضيحات في الموضوع للمغاربة راجع إلى كونها كانت طيلة شهر رمضان في مهمات عمل خارج المغرب، مشددة على أن ما وقع صحي، "لأنه أبرز أن المجتمع المدني والصحافة يتابعان المواضيع البيئية ويترافعان في شأنها، وهذا في حد ذاته شيء رائع، ودليل على نجاح الوزارة"، معاتبة مطلقي الشائعات، والمقصرين في طلب توضيحات من مصالح الوزارة. وبعد تعداد مجموعة مما وصفتها بالانجازات وحديثها عن بعض المشاريع المستقبلية، أكدت الحيطي أنها وضعت على مكتب رئيس الحكومة شكاية ضد شخص اتهمها في الإعلام بكونها تلقت نظير إدخال الشحنة الإيطالية مبلغ 118 مليون يورو، وزادت موضحة: "سألجأ إلى القضاء لأنه كذب عليّ، وبعملية حسابية بسيطة يظهر ذلك، فالنفايات المعالجة تساوي في السوق بين 20 يورو و40 يورو للطن، والشحنة موضوع الجدل تزن 2500 طن، فلماذا سيمنح لي هذا المبلغ الضخم". وعن اتهامات بتدخل المافيا الايطالية، قالت الحيطي إن الوزارة تطلب شهادة "ANTI MAFIA"، والتي اعتبرتها ضمن الوثائق 19 الأساسية، إضافة إلى ست وثائق أخرى تقدمها شركات الإسمنت، مؤكدة أن استيراد الشحنة من إقليم باسكارا تم طبقا لمقتضيات القانون 28.00 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها، وبالخصوص الفصل 43 الذي يسمح باستيراد هذا النوع من النفايات، التي أصرت على وصفها ب"غير الخطرة"، بغية معالجتها وتثمينها. واعتبرت الحيطي أن الرافضين للأمر ملزمون بالتوجه إلى المؤسسة التشريعية لتغيير القانون والانسحاب من اتفاقية بال التي وقعها المغرب سنة 1995، وزادت: "تلك الطريقة المثلى لوقف استيراد النفايات المعالجة، فقط يبقى علينا أن نتعلم تدوير نفايتنا"، واسترسلت: "أنا لا أبيع ولا اشتري، أنا وزيرة أدبر القطاع فقط". وحول تزامن الضجة المثارة مع استقبال المغرب لل"كوب 22"، قالت الحيطي: "كان من الأجدر الاحتجاج منذ 1995 أو السنة الماضية، ولكن ليس الآن تزامنا مع احتضان المغرب للمنتدى العالمي"، مشددة على أنها تحترم القانون و"لا أخاف من أحد، وبطني فارغ، ومستعدة للمحاسبة". وأكدت الوزيرة أن المغرب انخرط، على غرار مجموعة من الدول المتقدمة، في تطوير تثمين النفايات إما ماديا أو طاقيا، وذلك بغية تقليص نسبة النفايات التي تدفن في باطن الأرض، وإنتاج واستعمال المحروقات الصلبة البديلة "RDF"، التي تمكن من تقليص انبعاثات الغازات الدفيئة مقارنة مع المحروقات الأحفورية، كما تمكن من التخفيف من الفاتورة الطاقية والتبعية للموارد الأحفورية التي تصل حاليا إلى 96%. محمد الشعيبي، رئيس جمعية المهنيين الاسمنتيين، أكد بدوره أن ما يستورده المغرب ليس بنفايات، وإنما بديل المحروقات الأحفورية، مشددا على أن الأوروبيين والأمريكيين والأسيويين يستعملون المواد نفسها، معتبرا أنه ليس هناك مغربي يقبل باستيراد الأزبال من الخارج. وعن تصريحات السياسي الإيطالي عن الحزب الشعبي باولو رابيتي، الذي قال إن معامل المغرب غير مؤهلة لحرق ال"RDF" وإن معامل إيطاليا لها قدرات تقنية متفوقة، قال الشعيبي إن ذلك كذب، مؤكدا أن المعامل الايطالية تلجأ إلى العملية نفسها، وأن معامل المغرب مواطنة وتطبق جميع المواصفات والمعايير الدولية في احترام تام للبيئة ولصحة المواطنين.