عكس ما تحاول حكيمة الحيطي، الوزيرة المنتدبة المكلفة بالبيئة، التعبير عنه من كون النفايات القادمة من إيطاليا "محروقات صلبة بديلة"، يحذر أشهر الخبراء الإيطاليين في النفايات من عملية إحراق ما يسمى بنفايات "RDF" في معامل الإسمنت، لأنها غير مجهزة لهذه العمليّة، وأن إحراقها بأوروبا يتم في أفران خاصة مكلفة جدا. المهندس الإيطالي باولو رابيتي خبير قضائي كلفته محكمة نابولي للبحث في ما يعرف ب"نفايات نابولي"، وقد تم نشر الخبرة التي قام بها لصالح المحكمة في كتاب، وتعد اليوم مرجعا في معرفة مدى الخطورة التي أصبحت تشكلها هذه النفايات على الإنسان والبيئة. في حوار مع موقع "إل مانيفيستو" الإيطالي، حذر باولو مما أسماه "ترويج RDF"، أو "الوقود المستخلص من المواد الصلبة"، أو ما يعرف في إيطاليا ب"رزم الأزبال الإيكولوجية"، على أنها "طاقة بديلة"، أو وقود "لأن عملية إحراق هذه النفايات لها نتائج خطيرة على البيئة؛ حيث لا تنتج إلا غاز الدوكسين". وأضاف الخبير الإيطالي أن الاتحاد الأوربي وضع قيودا صارمة لإتلاف هذه النفايات؛ حيث لا يكفي توفر درجة الحرارة المرتفعة (أكثر من 850 درجة) في الفرن، وإنما لا بد من توفر أنظمة خاصة يحددها قانون خاص. وبحسب الخبير ذاته: "لا يوجد معمل إسمنت يتوفر على هذه الأنظمة". وعن لجوء الدول الأوربية للتخلص من هذه النفايات بعيدا عن أراضيها يرى المهندس الإيطالي أن "الكلفة الباهظة لإتلافها وتشديد المراقبة من طرف الاتحاد الأوربي سببان رئيسيان للجوء إلى بعض الدول، مثل المغرب، للتخلص منها؛ حيث المعايير الأوربية تبقى دون جدوى"، مشيرا إلى أن بقاء هذه الرزم من النفايات دون إتلافها يكلف إيطاليا حاليا 120 ألف يورو يوميا غرامة من الاتحاد الأوربي لمخالفة البلاد التزاماتها في الحفاظ على البيئة. تجدر الإشارة إلى أن إيطاليا تتابع باهتمام بالغ احتجاجات المجتمع المدني المغربي على استيراد النفايات منها. ففيما ترفض الشركة الإيطالية التي قامت بتصدير النفايات إلى المغرب تقديم توضيحات عن نوعية النفايات والإجابة عن أسئلة الصحافيين، قامت لجنة البيئة بالغرفة الأولى بالبرلمان الإيطالي باستدعاء وزير البيئة لتقديم توضيحات حول النفايات التي تم تصديرها إلى المغرب؛ حيث من المتوقع أن يمثل أمامها في الأيام القليلة القادمة. وأعلنت العديد من الهيئات البيئية الإيطالية تضامنها مع نظيراتها المغربية، مذكرة بتصديها، في السابق، لجميع محاولات القيام بإحراق هذه النفايات ببعض المناطق بإيطاليا بكل قوة وبإنصاف قضائي. واليوم يوجد شبه إجماع عام بين الإيطاليين على أن ما يتم تقديمه من "رزم إيكولوجية" ما هي إلا "رزم أكاذيب"، وفق الكلمة الإيطالية التي تطلق على هذه النفايات "Ecoballe" التي تفيد المعنيين معا.