تنوعت فتاوى الهيأة العلمية المكلفة بالإفتاء بين فتوى تثير موضوع العلاقة الزوجية بين سيدة مسلمة وبهائي، وبين فتوى تتطرق إلى المواد الغذائية "الحلال"، وأخرى عرجت على نبش القبور بغاية مرور "طرامواي"، فيما تعود الفتوى التي تنشرها هسبريس اليوم إلى موضوع البصمات الجينية. وفي رأي فقهي أوردته الهيأة المكلفة بالإفتاء، التابعة للمجلس العلمي الأعلى الذي يرأسه، وفق دستور 2011، الملك محمد السادس بصفته أميرا للمؤمنين، حول قانون التحقق من هوية الأشخاص بواسطة البصمات الجينية، اعتبر المفتون أن القانون من القضايا المستجدة على الساحة الفقهية والاجتماعية. واعتبرت الفتوى في تقديمها للجواب أن تقنين التحقق من هوية الأشخاص بالبصمات الجينية صار أمرا ضروريا، باعتباره نوعا من الخبرة الطبية يرمي في مقصده إلى إثبات هوية الأشخاص، والتأكد منها بطريقة علمية حديثة في بعض الحالات التي تقتضيه، ومنها حالتان. الحالة الأولى، وفق ما جاء في الفتوى الرسمية، تتمثل في "إثبات صلة النسب بين الابن وأبيه في حالة النزاع حول الأبوة بالنسبة للطفل، أو البنوة بالنسبة للأب". والثانية تتجلى في "إثبات هوية المجرم أو الجاني أثناء العثور على قتيل لا يعرف قاتله"، وفق تعبير نص الفتوى. وأورد المصدر أن الشريعة أحاطت أمر النسب وموضوعه، إثباتا ونفيا، بعناية بالغة، وضوابط وأحكام صارمة، حفاظا على كرامة الإنسان وحرمة الأسرة، وصيانة لها من أي مساس بها، وجعلته في مقدمة مقاصدها الشرعية الضرورية التي أوجبت حفظها ورعايتها، وهي الدين والنفس والعقل والنسب والمال. ولفتت الفتوى إلى أنه لكي يكون مشروع القانون الخاص بالبصمات الجينية منسجما مع الأحكام الفقهية الشرعية، يتعين الأخذ بعين الاعتبار عددا من التعديلات، كما لابد من توفر ضوابط ذكرها أهل الاختصاص، منها أن تكون مختبرات الفحص بالبصمة الجينية تابعة للدولة، أو تحت إشرافها المباشر. واقترحت الهيأة إضافة العبارة التالية إلى قانون وزارة الصحة حول البصمات الجينية، وهي "تخضع المختبرات المعتمدة لإنجاز تحاليل البصمات الجينية لإشراف مباشر للسلطة الحكومية المختصة، وتحت النظر القضائي وإذنه في ذلك، وتخضع لعمليات تفتيش دورية من دون إشعار". الفتوى شددت على ضرورة توثيق كل خطوات تحليل البصمة بدء من نقل العينات، وذلك ضمانا لصحة نتائجها، مع حفظ الوثائق للرجوع إليها عند الحاجة، وإجراء عملية التحاليل بالبصمة بطرق متعددة، وبعدد من الأحماض الأمينية، منبهة إلى ضرورة "سن غرامات مالية تردع المتلاعبين". وخلصت الفتوى إلى أن "مشروع قانون البصمات الجينية يبدو سليما من الناحية الفقهية، ويتفق في مضامينه وغاياته النبيلة مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها الأساسية الحكيمة، وتحقيق صيانة كرامة الإنسان وصحته وفطرته التي فطره الله عليها، تحقيقا للمصلحة العليا للوطن، وخدمة للفقه الإسلامي والتقنين الطبي بالمملكة".