على غرار باقي بلدان أمريكا الجنوبية، يكتسي شهر رمضان الفضيل دلالات خاصة لدى أفراد الجالية المسلمة المقيمة بالشيلي والتي لا يتجاوز تعدادها نحو أربعة آلاف شخص من مجموع ساكنة إجمالية تقدر ب18 مليون نسمة. ويشكل الشهر الكريم فرصة لتعزيز أواصر التقارب والتضامن وروح التعاون بين المسلمين من جميع المشارب والمقيمين في هذا البلد الجنوب أمريكي، وتأكيد التزامهم بقيم التسامح والتعايش والأخوة الحقة التي دعا إليها الإسلام. فالمساجد والمراكز الإسلامية التي تضمها الشيلي تصبح وجهة تقصدها الجاليات المسلمة المقيمة بهذا البلد؛ سعيا للظفر بنفحات من التقوى والتعبد في أجواء روحية خاصة. ويعد مركز محمد السادس لحوار الحضارات ب"كوكيمبو"، المتواجد على بعد 462 كيلومتر شمال سانتياغو، والذي يضم مسجدا، من بين أهم الوجهات التي يقصدها المسلمون خلال الشهر الكريم، بالإضافة إلى المركز الإسلامي بالشيلي ومسجد السلام بسانتياغو ومسجد نور الإسلام ب"سان برناردو" ومسجد بلال ب"إكيكيو"، بأقصى شمال البلاد. وخلال شهر رمضان، يحرص أفراد الجالية المسلمة على اصطحاب أبنائهم إلى المسجد من أجل التشبع، في سن مبكرة، بمبادئ الإسلام وقيمه الأصيلة القائمة على السلام والتسامح والتعايش. ويتحول "مسجد السلام" بسانتياغو، وهو أول مسجد بني في الشيلي وأحد أكبر المؤسسات الدينية بالبلاد، إلى فضاء يلتئم فيه المسلمون من مختلف الجنسيات لأداء الصلوات وحضور جلسات الوعظ والإرشاد الديني والاستماع إلى تلاوات من الذكر الحكيم. وفي هذا الصدد، يقول الأمين العام للمركز الإسلامي بالشيلي، محمد سعيد رومي، في تصريح صحفي، إن الكثير من المؤمنين يحرصون يوميا على الحضور إلى جلسات توجيهية دينية تتمحور حول قيم الاسلام وفضائل شهر رمضان، مشيرا إلى أن هذه الجلسات يتم تقديمها باللغتين العربية والاسبانية، وذلك بالنظر لحضور شيليين اعتنقوا الدين الإسلامي. وأضاف أن نحو 200 من المسلمين يتوافدون يوميا على مسجد السلام التابع للمركز الإسلامي بالشيلي، من أجل تناول وجبة الإفطار، بعيدا عن الأهل وبلدانهم الأصل، وأداء صلوات المغرب والعشاء والتراويح. ويتم تمويل وجبات الإفطار المقدمة للصائمين، حسب رومي، من قبل سفارات الدول الإسلامية المعتمدة بالشيلي ومن بينها المغرب والسعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة وأيضا من قبل المركز الإسلامي بالشيلي. وأشار، من ناحية أخرى، إلى أن المركز الإسلامي بالشيلي يتوفر على مدرسة لتعليم اللغة العربية والتربية الإسلامية موجهة لفائدة أبناء الجالية المسلمة المقيمة في هذا البلد الجنوب أمريكي. وتميز شهر رمضان في الشيلي خلال هذه السنة بتنظيم حفل إفطار ترأسته الرئيسة ميشال باشليت وأقيم لأول مرة في قصر "لا مونيدا" (مقر الحكومة) على شرف الجالية المسلمة. وقالت الرئيسة باشليت، في كلمة بالمناسبة، إن تنظيم هذا الإفطار يبرز "التزامنا بقيم التعايش وقيم أخرى لشهر رمضان، والتي نتقاسمها ومن بينها الانفتاح على الآخر والكرم والانضباط والتدبر والصبر، وهي مبادئ باتت ضرورية أكثر في السياق الحالي". *و.م.ع