فقد المغرب الكثير من بريقه الإفريقي بعد قراره الانسحاب من منظمة الوحدة الإفريقية التي تحولت إلى الإتحاد الإفريقي في ثمانينيات القرن الماضي، بسبب اعتراف المنظمة ب"الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية"، وهو ما جعل عددا من الدول في القارة السمراء تعترف بهذه الدولة، على غرار مجموعة من الدول في أمريكا اللاتينية. لكن وعلى الرغم من خروج المغرب من المنظمة، إلا أنه اختار تقوية علاقاته الثنائية مع عدد من الدول الإفريقية، سواء على المستوى الاقتصادي أو السياسي، بل وحتى الديني، ما جعل هذه الدول تسحب اعترافها ب"الجمهورية الصحراوية"، وتقف إلى جانب المغرب في دفاعه على وحدته الترابية، في وقت يتلقى فيه الضربات تلو الأخرى من الاتحاد الإفريقي الذي يعتبر "الشوكة الأبرز" في حلق الدبلوماسية المغربية. وتعتبر رواندا من بين الدول التي اختارت في البداية الاعتراف بجبهة البوليساريو كممثل وحيد للصحراويين، قبل أن تتراجع عن قرارها؛ ذلك أنها كانت من الأوائل الذين اعترفوا بالجمهورية سنة 1976؛ أي بعد عام واحد فقط على المسيرة الخضراء واندلاع الحرب، وجاء هذا الاعتراف في سياق كانت تعرف فيه دول العالم الثالث نشاطا كبيرا لحركات التحرر ومناهضة الاستعمار الأجنبي. وعلى الرغم من أن عددا من الدول سحبت اعترافها ب"الجمهورية" بعد سنوات قليلة من تطبيع العلاقات معها، إلا أن رواندا تأخرت كثيرا في ذلك؛ حيث لم تسحب هذا الاعتراف إلا في نونبر من العام الماضي، لتبدأ التطبيع مع المغرب تم تتوجيه بزيارة الرئيس الرواندي، بول كاغامي، إلى المغرب خلال الأسبوع الجاري، ولقائه بالملك محمد السادس. وأجرى الملك محمد السادس، يوم الاثنين، بالقصر الملكي بالدار البيضاء، مباحثات على انفراد مع بول كاغامي، فيما قام بعد ذلك بتوشيحه ب"قلادة الوسام المحمدي"، وهو أرفع وسام تمنحه المملكة، ما يوضح الأهمية التي أعطيته للرئيس الأوغندي، وزيارته الرسمية الأولى إلى المملكة. عبد الفتاح البلعمشي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض بمراكش، يقول عن الموضوع إن السياسة الخارجية للمغرب أضحت تسير وفق إستراتيجية لم تعد تحضر فيها قضية الصحراء بشكل كبير، بقدر ما يتم العمل على تقوية العلاقات مع مختلف الدول، خاصة في القارة الإفريقية. وأكد البلعمشي، في تصريح لهسبريس، أن المغرب لم تعد لديه تلك العقدة من مسألة الاعتراف ب"الجمهورية الصحراوية" أو سحبه، وهو ما يسمح بإبراز القواسم المشتركة، سواء في الأبعاد الدينية أو على المستوى الاقتصادي، انطلاقا من مبدأ المصلحة المتبادلة، والاستفادة من الخبرات المغربية في مختلف المجالات، ووضعها رهن إشارة مختلف حلفائه في القارة. وتابع أستاذ العلاقات الدولية في جامعة القاضي عياض التأكيد على أن "لعبة الاعتراف وسحب الاعتراف لم تعد ناجحة"، وأصبح اليوم التعامل مع الدول وفق منظور المصالح المشتركة، وهذا ما يجعل سحب اعتراف دولة رواندا مجرد تحصيل حاصل، على حد تعبير البلعمشي.