منذ أن منعت السلطات المغربية في يوم الأحد 13 شتنبر 2009، وهو يوم رمضاني، تنظيمَ حركة "مالي" ل"نزهة رمضانية" تتخللها وجبة غذاء أمام محطة القطار بالمحمدية، تستمر الفعاليات ذاتها في استباق شهر رمضان بأيام قلائل لإعلان حملتها على مواقع التواصل الاجتماعي، للمطالبة بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي، الذي يجرّم الإفطار العلني في رمضان. ورغم أن وتيرة التعبئة الداعية إلى الجهر بالإفطار في الشهر المقدس عند المسلمين تراجعت في الآونة الأخيرة، إلا أن النشطاء المغاربة ضمن حركة "مالي"، أو "الحركة البديلة من أجل الحريات الفردية"، لازالوا مستمرين في توجيه نداءات عامة، مثل ما نشروه على صفحتهم الرسمية: "نذكر بأننا نناضل لصالح حرية المعتقد، ونطالب بإلغاء الفصل 222 من القانون الجنائي المغربي..ورغم ذلك هناك داخل الحركة مسلمون يصومون". وككل حملة مماثلة، والتي غالبا ما تنطلق من صفحة "ماصايمينش" بموقع "فيسبوك" للتواصل الاجتماعي، بث عدد من المغاربة صورا لهم يعلنون موقفهم الداعم للإفطار العلني في رمضان، كالعبارة التي كتبها عصام من سلا على ورقة، والتي تقول: "ماصايمينش.. رمضان كريم لأحبتي المسلمين 2016"، وهي إحدى العبارات التي غالبا ما تثير حفيظة المعلقين المغاربة الرافضين للإجراء، بمبرر أنه "يستفز شعور المغاربة في رمضان". وتقول "مريم م."، معلقة على حملة "ماصايمنيش": "صوموا أو لا تصوموا حياتكم هاذيك، كل شاة كتعلق من شوالها، لكن ما تستافزوش ناس بأفكاركم البايخة وتحسبو راسكم صانعين الصوارخ"، أما "نور الدين. أ" فقال: "صوم ولا متصومش شغلك هداك.. فاش تفيق مع الصباح فطر، وقت الغداء تغدا نورمال، إن الله غني عن العالمين"؛ فيما لا تخلو تعاليق أخرى من توصيف قدحي في حق دعاة الإفطار العلني في رمضان، من قبيل "ملحدين" و"وكالين رمضان". منع "نزهة رمضانية" وكانت السلطات منعت عددا من النشطاء في رمضان عام 2008 من تنظيم إفطار علني أمام محطة القطار بمدينة المحمدية، وهي المبادرة التي دعت إليها "الحركة البديلة من أجل الدفاع عن الحريات الفردية"، احتجاجا على الفصل 222 من القانون الجنائي، فجرى اعتقال عدد من الحاضرين قبل أن يتم إطلاق سراحهم لاحقا؛ وهو الحدث الذي دفع المجلس العلمي المحلي لعمالة المحمدية إلى إصدار بلاغ شديد اللهجة تجاه نشطاء "مالي"، الذين وصفهم ب"الفتّانين"، موردا أن خطوتهم "عمل شنيع يدخل في تحدي الله ورسوله"، و"تشجيع على المعصية وتحريض عليها"، وتدخل ضمن "مخططات المغرضين". وحسب الفصل 222 من القانون الجنائي المعتمد حاليا، ف"كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، وتجاهر بالإفطار في نهار رمضان، في مكان عمومي، دون عذر شرعي، يعاقب بالحبس من شهر إلى ستة أشهر، وغرامة من 12 إلى 120 درهما" (تم اعتماد 200 درهم كحد أدنى للغرامات الجنحية)؛ فيما رفعت مسودة القانون الجنائي الجديد الغرامة إلى ما بين 2000 إلى 10 آلاف درهم، مع أن تطال الجانح إحدى العقوبتين وليس كليهما. لشكر: لا نستفز أحدا ابتسام لشكر، الناشطة في حركة "مالي"، قالت في تصريح لهسبريس، وهي تعلق على مطلب إلغاء الفصل 222: "نحن حركة كونيّة وعلمانيّة نُدافع على حُريّات المُعتقد التي تُؤسّسُ لجَمِيع الحريات الفردية، ومطالبتنا بإلغاء الفصل 222 تتصل بمطلب الفصل بين الدين والسياسية"، مضيفة: "القانون يتحدث عن كل من عرف باعتناقه الدين الإسلامي، ما معنى اعتناقه؟ هذا دليل على أن الدولة دكتاتورية تفرض علينا الدين منذ الولادة". وأضافت ابتسام: "لا إكراه في الدين، وبالتالي ليس هناك إيمان بالإكراه..والدين فوق ذلك اختيار شخصي. ونحن ندافع عن حرية الاختيار"؛ فيما اعتبرت أن التنصيص على مسألة زعزعة عقيدة مسلم غير مقبولة، متسائلة: "هل ستتم زعزعة عقيدة مسلم بالجهر بالإفطار بقليل من الخبز؟..". وأضافت المتحدثة ذاتها أن الدولة المغربية "تتصرف معنا وكأننا بدون عقل، وتطبق وصايتها علينا باسم الدين"، قبل أن تصف المجتمع المغربي ب"المنافق" و"المحافظ"، موضحة: "يمنعون الخمر في رمضان وقبله بيوم واحد يكون مُباحا..أين هو القانون الذي يحرم الخمر على المسلمين؟". وفيما اعتبرت لشكر أن الواقع، من وجهة نظرها، يحتم "تغيير العقليات ومناهج التربية الوطنية، وخاصة الإسلامية"، قالت إن حركتها "لا تؤمن بالخصوصيات في مجال حقوق الإنسان، أو أن حقوق الإنسان بشكل عام والحريات الفردية بصفة خاصة يجب أن تقدم على جرعات..مضيفة: "الحقوق بالنسبة لنا كونية.. نحن لا نستفز أحدا، إننا مدافعات ومدافعون عن الحريات الفردية وكافة حقوق الإنسان في كونيتها".