في خضمّ الجدل الدائر حول مشروع القانون رقم 19.12، المتعلق بالعمّال المنزليين، الذي لقي معارضة شديدة من طرف الجمعيات الحقوقية، دافع عنه الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، محمد نبيل بنعبد الله، بقوّة، معتبرا إيّاه "مَكسبا اجتماعيا هائلا". بنعبد الله، الذي حلّ ضيفا على مؤسسة الفقيه التطواني للعلم والأدب، مساء اليوم الثلاثاء، اعتبر كلّ ما يروج حول قانون تشغيل العمّال المنزليين "مغالطات"، متّهما "جهات" باستغلال الموضوع لضَرْب حزب التقدم والاشتراكية، "لأننا رفضنا الانصياع لمنطق التحكّم"، حسب تعبيره. وهاجم بنعبد الله معارضي مشروع قانون تشغيل العمال المنزليين قائلا: "لماذا لم يحتج الذين يهاجموننا، بمن فيهم المجلس الوطني لحقوق الإنسان، على تشغيل الفتيات في الحقول والمصانع وهن في سنّ 16 عاما، واحتجوا فقط على حزبنا لأنه قدم قانونا جيدا". وربط الأمين العام ل"حزب الكتاب" بين المعارضة التي يُواجه بها مشروع القانون المثير للجدل، الذي أعدّه وزير التشغيل، المنتمي إلى حزب التقدم والاشتراكية، وبين التشبّث بتحالفه مع حزب العدالة والتنمية، بقوله: "يهاجموننا لأن حزبنا ثابت على مبادئه ولم ينسحب من التحالف الحكومي". وفي حين تُعارض أحزاب المعارضة مشروع القانون 19.12، اتهمها بنعبد الله بتبنّي مواقفَ متناقضة، والقيام ب"حمْلة" ضد حزبه، مشيرا إلى أن مشروع القانون جرى التصويت عليه من طرف جميع الفرق البرلمانية بمجلس المستشارين، بما فيها فرق أحزاب المعارضة، متسائلا: "كيف صوّتم للمشروع والآن تعارضونه؟". وأكد "زعيم الشيوعيين المغاربة"، الذي كان يتحدّث بانفعال، أن مشروع قانون العمال المنزليين لم يأت لإقرار سنّ التشغيل في 16 سنة، مستدركا: "بل الغرض منه هو حماية العاملات والعمّال في البيوت، أيا كان سنّهم، لأنّ وضعية حقوقهم اليوم صفر، والذي يحكمهم هو قانون الغاب، "اللي بغا يدير شي حاجة كايديرها"، وإن كانت الأمور تتحسن في السنوات الأخيرة"، حسب تعبيره. غير أن بنعبد الله، وإن أصرّ على أن مشروع القانون الرامي إلى تقنين تشغيل العمال المنزليين جاء بعدّة مكاسب، مثل إجبارية تسجيلهم في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، وتحديد عدد ساعات العمل، ومنع البالغين ما بين 16 و 18 سنة من القيام بالأشغال الشاقة... إلا أنه أكد أن حزبه مازال يطمح إلى رفع السن القانونية لتشغيل العمال المنزليين إلى 18 سنة. واعترف المتحدث أنّ حزبه واجه إكراهات شتّى، ليس داخل الأغلبية الحكومية، بل حتى خارجها، في ما يتعلّق بالسنّ القانونية لتشغيل العمال المنزليين، وقال في هذا الصدد: "لم نجد المعارضة من حلفائنا في الحكومة، ومن طرف حزب العدالة والتنمية، بل من طرف الساهرين على القوانين في البلاد، وعلى رأسهم الأمانة العامة للحكومة، التي قالت لنا إنّ تحديد سنّ تشغيل العمال المنزليين في 16 سنة يتعارض مع القوانين، لأن سنّ الشغل محدد في 18 سنة". واستغل بنعبد الله فرصة حديثه في رحاب مؤسسة الفقيه التطواني لبث "شكواه" من الضغوطات التي يتعرّض لها حزبه، وضيْق هامش التحرّك، فبعد أن أكد أن حزبه مازال يطمح إلى رفع سن تشغيل العمال المنزليين إلى 18 سنة، استدرك قائلا: "هناك الحكومة، ولكن هناك مؤسسات أخرى، ووزارات يعتبرها البعض سيادية يجب الإصغاء إليها، والدستور يقول إن الحكومة لها صلاحيات، لكنها تشتغل وفق توجهات كبرى يقودها جلالة لملك". ونفى بنعبد الله الأخبار التي راجت اليوم حول سحب مشروع القانون 19.12 من مكتب رئيس مجلس النواب، من أجل إعادة مناقشته في لجنة العلاقات الاجتماعية، بعد الرسالة التي وجهها المرصد الوطني لحماية حقوق الطفل، الذي ترأسه الأميرة مريم، إلى الحكومة، قائلا: "مشروع القانون لم يُسحب.. كل ما هنالك أنه تأجّل إلى حين إيجاد صيغة تجمعنا حول مقاربة معيّنة".