يقترح الناقد السينمائي محمد اشويكة، في كتابه الجديد "السينما المغاربية .. قضايا الفرادة والتعدد"، نظرة بانورامية على التجارب السينمائية في البلدان المغاربية "تحديدا المغرب والجزائروتونس"، من خلال مجموعة مقالات ودراسات تعكس تارة تقاطعا في بعض الانشغالات لدى صناع السينما المغاربيين، وتارة أخرى تنوعا وتفردا في الأساليب بين الأقطار والأجيال. ويتوزع هذا الكتاب، الصادر بالقاهرة عن منشورات الهيئة العامة لقصور الثقافة، التابعة لوزارة الثقافة المصرية، ضمن سلسلة "آفاق السينما" عدد 90، بين قراءات نقدية فيلمية وتأملات عامة تجمع الاشتغال على نماذج من الأفلام المغاربية مع تقديم إسهامات نظرية عابرة للتجارب. إنه كتاب ينفتح على أسئلة السينما المغاربية من خلال ثلاثة أبواب تتضمن في مجموعها إحدى عشر فصلا بالإضافة إلى مقدمة وبيبليوغرافيا. وجاء على ظهر الغلاف الذي يتكون من 136 صفحة من القطع المتوسط، ما يلي: "تمثل الحركة السينمائية المغاربية حالة شديدة الخصوصية والتفرد، فلكل مجتمع من مجتمعات المغرب العربي سياقه الخاص الذي ينعكس على إنتاجه الفني بشكل عام والسينمائي بشكل خاص. ويقدم هذا الكتاب "قراءة نقدية لتجارب عديدة رصدت هموم ومشكلات المواطن في المغرب العربي، كما رصدت أيضا آماله وأحلامه وعلاقته شديدة التعقيد بتراث يفرض عليه نمطا خاصا على المستوى الفكري والحياتي، ويبني أفقا مستقبليا أكثر رحابة وأكثر انفتاحا على الآخر". وتقديما لهذا الكتاب، يلاحظ الناقد محمد اشويكة أن الطابع الفني الأسلوبي الذي يمتح من سينما المؤلف غلب على جل الأفلام التي طبعت تاريخ السينما المغاربة، "فقد مال مؤلفوها الى معالجة مواضيع ذات طابع حداثي ينتقد التوجهات التقليدانية للمجتمع، أو إلى تسليط الضوء على قضايا المهمشين والمقصيين، والنبش في المكبوت الفردي والجماعي، كما أنهم يكتبون سيناريوهات أفلامهم بطريقة سردية غير كلاسيكية، وينهونها بطريقة مفتوحة قد لا يرغبها الجمهور العادي، وينجزون أشرطتهم بموازنات جد عادية، معولين على عطاءات الممثلين وغنى الديكورات والمقاربات المتماهية مع الواقع، واعتماد اللقطات العامة، والتقاط الصوت المباشر". إنه عمل لا يخلو من بعد بيداغوجي، كونه يتوجه أساسا للقراء والمجمع النقدي السينمائي الذي لا يتابع عن كثب تطورات السينما المغاربية، فهو من خلال التجارب والتيمات التي اشتغل عليها يقرب المواضيع والأساليب الإخراجية من القراء العرب ولاسيما المشارقة منهم والمغتربون. وقد جاءت هذه الأفلام، حسب الكاتب، متفاعلة مع محيطها القريب والبعيد، إذ حاولت ملامسة قضايا مثل الإرهاب والتغيير السياسي وسنوات الرصاص والذات والآخر والمكون الأمازيغي ومسألة الهوية والأصالة والمعاصرة وقضية الهجرة وغيرها. وهكذا يتناول محمد اشويكة "السينما والإرهاب في المغرب العربي .. الجزائر نموذجا"، و"وثائقيات الربيع المغاربي .. تونس أنموذجا"، و"السينما والصحراء .. تمثلات الصحراء في أفلام الناصر الخمير"، ووظيفة الرموز في الفيلم الأمازيغي، والرؤية السينمائية لدى المخرج التونسي رضا الباهي، وذاكرة الهجرة في فيلم "المسيرة". أما السينما المغربية فتحضر في المقاربات النقدية للمؤلف من خلال نماذج "هم الكلاب" لهشام العسري و "يا خيل الله" لنبيل عيوش في مساءلة ل"جدل الإرهاب بين الرواية والسينما" و"محاولة فاشلة لتعريف الحب" لحكيم بلعباس وفيلم "خربوشة" لمحمد الزوغي. ويعزز الإصدار الجديد رصيدا تأليفيا منتظما للناقد والقاص محمد اشويكة الذي سبق له أن تناول في إصدارات سابقة العديد من قضايا السينما والصورة عموما، من جملتها "الصورة السينمائية: التقنية والقراءة"، "السينما المغربية: أطروحات وتجارب"، "مجازات الصورة .. قراءة في التجربة السينمائية لداوود أولاد السيد"، "السينما المغربية .. رهانات الحداثة ووعي الذات" و"تحرير الذاكرة .. تحرير العين". *و.م.ع