جميع التبريرات لتشغيل الأطفال في المغرب مرفوضة وليست منطقية ولا معولة، ولا تدل فقط على عدم الرحمة والرأفة على صغارنا حتى وإن كانوا في سن المراهقة، وإنما تدل أيضا على الجهل وعلى عدم قدرة المجتمع بالتكفل وبتربية شبابه، والأدهى من كل هذا أن الوزراء والبرلمانيين الذين تبنوا هذا القانون لا يستحقون تولي مسئولية السهر على مصالح المجتمع المغربي وقد يستعدون بالتضحية بالشباب المغربي من أجل مكاسبهم ومكاسب الأغنياء والنخب المسيطرة المالية وبحبوحة العيش. فبدل تحمل مسئولية تكوين هذه الفئة وتأهيلها واحتضانها وتعليمها، فإن الحكومة والبرلمان تقدمانها قربانا وعبيدا لكل من لا يملك ذرة الضمير والوعي بالقيم الإنسانية ناهيك عن القيم الإسلامية التي يدعي الجميع أنه يؤمن بها. أهذا هو معنى 'اهدنا الصراط المستقيم" الذي يتلونه في قراءة الفاتحة في صلواتهم؟ إن الأعمى هو الذي لا يدرك بأن هذه الحكومة لا تستطيع معالجة ما يعاني منه مجتمعنا من معضلات في جميع القطاعات وتدبير الشأن العام والأمثلة لا تعد ولا تحصى. الأمل معقود على غير هذه الحكومة لمراجعة وإصلاح ما أفسده هؤلاء البرلمانيين وهؤلاء الوزراء. واه حتى حزب التقدم يتبنى هذا المنكر ويبرره على لسان وزيره في الحكومة؟ هذا التبني من قبل كل من صوت لصالح تشغيل القاصرين والقاصرات من أبناءنا وبناتنا يكفي ليفقد الثقة والأهلية بتمثيل مصالح المواطنين. إن الحالة الوحيدة التي يمكن فيها تبني مثل هذا القانون وتزويج القاصرين والقاصرات هي تخفيض سن التصويت والترشيح للانتخابات والبلوغ والتمتع بجميع حقوق البالغين في سن السادسة عشر ويترتب عن هذا، العمل في الإدارات وفي كل الأماكن وليس فقط في الدكاكين والبيوت. يعني كل من بلغ سن السادسة عشر فهو مواطن كامل المواطنة ومن حقه التمتع بجميع الحقوق التي يكفلها الدستور والقانون لجميع المغاربة ولا يجب التمييز بين البالغين ستة عشر سنة من العمر وبين الذين يكبرونهم سنا. وللذهاب أبعد في هذه الحالة، فقد ينجح الشاب ذي 16 سنة في الانتخابات وقد يعين رئيسا للحكومة. وما المانع إذا وافق البرلمان على اعتبار السن القانونية ست عشرة سنة؟ ألا يكفي المغرب من العبث بمستقبل أبنائه وبناته؟ أيستحق من يسن قوانين مجحفة وغير معقولة أن يتزعم مسئولية التنمية والدفاع عن مصالح المغاربة'؟ ألا تدل هذه القوانين على عجز المسئولين عن القضاء على القفر وعلى امتصاص العاطلين وإدماجهم في النسيج الاجتماعي والحفاظ على كرامتهم؟ أشجب هذا القانون ولا أعتبره إلا هدرا للطاقات واستغلالا للشباب وقطع الطريق أمامهم نحو السعي لتحسين ظروفهم المعاشية. هل هم فعلا من جنس البشر، يا ترى؟ رحم الله أبناء وبنات الفقراء والمساكين وكل من لا جدة له عند الوليمة(المعروف). *باحث وأستاذ العلوم الاجتماعية.