بدأت الحكومة الجزائرية، مطلع الشهر الجاري، تطبيق الزيادة الجديدة على ضريبة السيارات، والتي وصلت إلى 40%، وذلك في إطار سلسلة إجراءات لمواجهة تراجع عائدات البلاد من النفط، على خلفية الانهيار الحاد الذي شهدته أسعار الخام منذ منتصف العام 2014. الإجراءات التي تشمل، زيادات في الضرائب والجمارك على بعض السلع، وخفضا في الدعم الحكومي لبعض أنواع الوقود، انتقدها خبير اقتصادي جزائري، ووصفها بأنها "حلول ترقيعية" تكشف عن "غياب رؤية اقتصادية" لمواجهة التراجع في أسعار النفط في الأسواق الدولية الذي وصل لأكثر من 60%. وبينما توقع خبير اقتصاد آخر أن تقر الحكومة زيادات أخرى في معدلات الضرائب والجمارك على سلع تصنف ضمن سلع الرفاهية، دعا السلطات إلى أن يكون رفع الدعم "تدريجيا"، وأن تكون زيادة الجمارك بمعدلات "بطيئة"؛ حتى لا يؤثر ذلك على القدرة الشرائية لمحدودي الدخل. وقبل أيام، بدأت "المديرية العامة للضرائب الجزائرية" في تطبيق زيادة على هذه الضريبة تتراوح نسبتها بين 15% و40%؛ بناءً على نوع السيارة، وتاريخ إنتاجها، وقوة محركها. وقال المدير العام لمديرية الضرائب الجزائرية "عبد الرحمان راوية"، في تصريحات سابقة للإذاعة الحكومية، إن المديرية تمكنت، العام الماضي، من تحصيل 11 مليار دينار جزائري (110 مليون دولار) من الضرائب المفروضة على مالكي السيارات، دون أن يكشف عن حجم الأموال المتوقع تحصيلها هذا العام، بعد زيادة هذه الضرائب. وتأتي زيادة ضريبة السيارات ضمن سلسلة إجراءات جاء بها قانون الموازنة العامة للعام 2016؛ لمواجهة انهيار أسعار النفط في السوق الدولية، والذي تمثل عائداته 60% من الموازنة العامة و97% من عائدات البلاد من العملات الأجنبية. وشملت هذه الإجراءات زيادات في الضرائب والجمارك على بعض السلع، وخفضا في دعم أسعار الديزل والكهرباء؛ وتهدف إلى مواجهة العجز المتوقع في موازنة العام 2016، والذي بلغ 25 مليار دولار. وتعقيبا على هذه الإجراءات، حذر الخبير الاقتصادي الجزائري والمستشار السابق لدى الرئاسة، عبد المالك سراي، من أن الزيادات المتتالية في الضرائب، وحتى رفع الدعم عن بعض المواد الاستهلاكية، سيكون له تأثير على القدرة الشرائية للجزائريين، ولو بصفة محدودة؛ كون الزيادات لم تكن كبيرة. وتوقع أن تكون هناك "زيادات مستقبلية على مواد (سلع) ليست أساسية؛ أي أنها تدخل ضمن استهلاك الرفاهية؛ لكي لا تمس الفئات الفقيرة من المجتمع؛ وذلك ضمن إجراءات السلطات لتجاوز صدمة انهيار أسعار النفط". ودعا "سراي" السلطات الجزائرية إلى أن يكون رفع الدعم "تدريجيا"، وأن تكون زيادة الجمارك بمعدلات "بطيئة"؛ "كي لا يؤثر ذلك بشكل كبير على القدرة الشرائية للمواطن، ويضمن تحولاً سلساً نحو اقتصاد حقيقي". ومنذ منتصف العام 2014، تراجعت أسعار النفط بشكل حاد؛ حيث وصل سعر برميل النفط، حاليا، إلى نحو 44 دولارا بعدما كان يباع بأكثر من 120 دولار. وفي تصريحات صحفية منذ أيام، قال رئيس الوزراء الجزائري، عبد المالك سلال، إن عائدات البلاد من الطاقة تراجعت بنسبة 50% في العام 2015؛ لتصل إلى قرابة 34 مليار دولار. "محمد بوجلال"، أستاذ الاقتصاد في "جامعة مسيلة" الجزائرية، انتقد من جانبه، الإجراءات الحكومية المتخذه لمواجهة تراجع عادئات الطاقة. وقال بوجلال: "ما تقوم به الحكومة من زيادات متدرجة في الضرائب هو حلول ترقيعية تعكس عدم وجود رؤية اقتصادية واضحة تسير بها لمواجهة أزمة أسعار النفط". وأضاف: "السعودية أعلنت عن الرؤية الاقتصادية لعام 2030.. حتى لو افترضنا أن هذا المخطط (الرؤية السعودية) غير ذي جدوى، إلا أنه تحرك إيجابي"، وفق تعبيره. وتوقع أن تلجأ الحكومة الجزائرية، في حال استمرار انهيار أسعار النفط في السوق الدولية، إلى زيادة أخرى في الرسوم والضرائب، و"لكن على نطاق محدود لا يمس أصحاب الدخل الضعيف". *وكالة الأناضول