بزيادات تقارب الثلث على أسعار الوقود، وارتفاع مرتقب للسلع والخدمات، وتخوفات من انهيار القدرة الشرائية، استقبل الجزائريون العام الجديد 2016، في بلاد يعتمد دخلها من العملة الأجنبية بنسبة 97٪ على عائدات النفط الذي انهارت أسعاره في السوق الدولية، بشكل دفع السلطات إلى إعلان إجراءات "تقشف" لمواجهة الأزمة. وشهدت الجزائر خلال الأيام الأولى من العام الجديد، جدلا بشأن زيادات في أسعار الوقود والكهرباء المدعمة من قبل الحكومة، وتأثيرها المباشر على سلع وخدمات أخرى، وبالتالي القدرة الشرائية للمواطن، وهو ما تناولته وسائل إعلام محلية على نطاق واسع. وارتفع سعر اللتر الواحد من البنزين العادي في الجزائر من 21.20 دينارًا، أي حوالي 20 سنتًا أمريكيًا، إلى 28.45 دينارًا، أي 27 سنتًا أمريكيًا، أي بزيادة نحو 7.25 دنانير للتر الواحد، أي7 سنتات أمريكية. وتم رفع سعر اللتر الواحد من البنزين الممتاز من 23 دينارًا إلى 31.42 دينارًا، أما الديزل (المازوت) فعرف زيادة في سعر اللتر الواحد بلغت 5.01 دنانير، وبلغ سعره 18.76 دينارا، فيما بلغت الزيادة في سعر البنزين بدون رصاص 8.42 دنانير للتر الواحد. وجاء ذلك مع بداية تطبيق تدابير قانون الموازنة العامة للعام الجديد 2016 مطلع الشهر الجاري، والذي تضمن إجراءات للحد من تأثير أزمة انهيار أسعار النفط في السوق الدولية على اقتصاد البلاد الذي يعتمد بنسبة 97٪ على عائدات المحروقات من العملة الأجنبية، كما تمثل هذه العائدات 60٪ من الموازنة العامة للبلاد. ورفضت المعارضة القانون، وقالت إنه "يمثل خطرًا على القدرة الشرائية للطبقات الاجتماعية الهشة"، فيما تقول الحكومة إن الدولة "ستواصل دعمها لذوي الدخل الضعيف وأن الزيادات الجديدة ليست كبيرة، وأملتها ظروف اقتصادية للتكيف مع انهيار أسعار النفط". وقال وزير النقل الجزائري، بوجمعة طلعي، في تصريحات للصحافة مؤخراً إن "أسعار النقل البري العمومي ستبقى دون تغيير رغم زيادة سعر الوقود، أما أثر هذا الارتفاع على النقل الخاص فسيكون طفيفًا بفضل الإجراءات التخفيفية للأعباء، والتي ستتخذها الحكومة مثل تخفيف الضرائب على الناقلين". وبدوره قال الطاهر بولنوار رئيس جمعية التجار والحرفيين الجزائريين، ضمن تصريحات نقلتها الأناضول للإنباء، "نتوقع زيادات خلال عام 2016 على مختلف السلع والخدمات، إلا إنها لن تكون كبيرة وتتراوح بين 5 إلى 10٪ بسبب زيادة تكاليف الإنتاج". وأضاف بولنوار "من المنطقي أن تزيد الأسعار، فزيادة أسعار الوقود تزيد حتمًا في تكلفة النقل، وخاصة المسافات الطويلة، وتنعكس مباشرة على سعر السلع، ونفس الشيء بالنسبة للمصانع، فزيادة سعر الكهرباء يعني زيادة التكلفة ورفع الأسعار هذا هو قانون الإنتاج". ويرى عبد الوهاب بوكروح، الإعلامي الجزائري المتخصص في الشأن الاقتصادي، إن "الزيادات في سعر الوقود وخاصة الديزل ستكون لها انعكاسات على القطاع الزراعي والنقل بالدرجة الأولى لاستعماله الواسع في هذين القطاعين". وتابع بوكروح لوكالة الأناضول بالقول "على الدولة أن تؤسس صندوق المقاصة كما في دول أخرى، حيث إنه عندما ترتفع الأسعار يقوم الصندوق بتعويض المتضررين، وهم المهنيون في الشعب الفلاحية والنقل والخبازين، أو أصحاب الاستخدام الصناعي للديزل". وأوضح أن "المشكلة القائمة التي قد تؤدي إلى ارتفاع الأسعار، هي تواصل انهيار قيمة العملة المحلية أمام الدولار بسبب تراجع أسعار النفط، وهو ما يعني ارتفاع تلقائي للسلع المستوردة مع العلم أن البلاد تستورد قرابة 60٪ من المواد واسعة الاستهلاك من الخارج".