لقي خمسة عمال مصرعهم وجرح ثلاثة، واحد منهم حالته حرجة، كلهم يحملون الجنسية المغربية، إثر حادثة سير بضواحي مدينة "Lorca" التابعة لمقاطعة مورسيا، شرق إسبانيا، بينما كانوا في طريقهم إلى مدينة "Águilas" لجني نبتة "الكرفس"، قادمين إليها من بلدية "توري باتشيكو"، صباح الثلاثاء، فيم يعود سبب الواقعة إلى "نوم السائق أثناء القيادة"، وفق تصريح أدلى به والي الإقليم، فرانسيسكو خودار. وقد انتقل فرانسيسكو إلى مكان الواقعة بالنقطة الكيلومترية 12، على مستوى الطريق السريع "RM-11". وأوضح الناطق الرسمي باسم فرقة الحرس المدني أن "الحادثة وقعت في حدود الساعة السابعة و20 دقيقة حين انحرفت عربة من طراز "Opel Vivaro" كانت تقل المهاجرين المغاربة الثمانية عن مسارها، فاصطدمت بالحاجز الخرساني للجسر وسقطت من أعلى قنطرة يبلغ علوها ثلاثة أمتار ونصف المتر". وبحسب ما نقلته صحيفة "إلموندو" الإسبانية، فإن أعمار الضحايا تتراوح ما بين 30 و60 عاما، فيم نقل الناجون على متن سيارات إسعاف تابعة للفرقة الطبية "SUMMA"، المختصة في تقديم المساعدات الطبية الأولية، إلى مستشفى "Rafael Méndez" بمدينة "لوركا"، في وقت نقلت فيه جثثت الضحايا نحو مستوصف بالمدينة ذاتها بغية إخضاعها لعمليات تشريح للتأكد من أسباب هذا الحادث المروري المميت. التنديد بظروف العمل تكرار حوادث سير لأسباب مشابهة أعاد الجدل حول ظروف اشتغال العمال الأجانب بالمملكة الأيبيرية، وغالبيتهم مهاجرون مغاربة يعملون بالحقول الزراعية لمدينة "مورسيا"، قصد جني الفواكه والخضروات مقابل أجر زهيد، خاصة أن الكثير منهم يشكو طول ساعات العمل في ظل ظروف غير إنسانية، كما أنهم يعيشون داخل غرف من البلاستيك والخشب؛ حيث تغيب أبسط شروط العيش من ماء وإنارة. وقال قدور الجانفي، أحد أفراد عائلة إحدى ضحايا الحادثة المميتة، إن "صبر العمال قد نفذ في ظل ظروف العمل الشاق وغير الإنساني داخل البيوت المحمية، وتحت درجات حرارة جد مرتفعة، ولساعات تكاد لا تنتهي"، مؤكدا أن "التعب هو السبب المباشر لوقوع الحادثة، لاسيما وأن العمال يشتغلون بالحقول الزراعية من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، الأمر الذي لا يستطيع الإنسان تحمله"، وفق تعبيره. وأضاف المهاجر المغربي، في تصريح لصحيفة "Laopiniondemurcia" الإسبانية، أثناء تواجده بمستشفى "رفاييل مينديث" لتفقد حالة الناجين جراء الحادثة، أن "الضحايا يستيقظون كل يوم على الساعة الخامسة صباحا، كما أنهم يقطعون مسافة 200 كلم في اليوم ذهابا وإيابا لكون مقر العمل يبعد عن مكان إقامتهم ببلدية كامبو دي كرتاخينا التابعة إداريا لمدينة مورسيا، جنوب شرق الجارة الشمالية". وتابع قدور، في حالة من الغضب والاستنكار، أنه "لا وجود لجسم بشري في العالم يستطيع تحمل العمل لساعات طوال في اليوم كما هو الحال في إسبانيا"، موضحا أنه "بدء من اليوم لن أقبل بالعودة إلى العمل في هذه الحقول الزراعية في ظل ظروف اشتغال تعود إلى القرن 19 وليس 21، سواء من ناحية الجدول الزمني أو الرواتب التي نتلقاها، والتي تقل عن 25 يورو في اليوم، وهي أجرة سخيفة". من جهتها، طالبت نقابة "الاتحاد العام للشغالين" بإسبانيا، والمعروفة بمواقفها المدافعة عن العمال المهاجرين ضحايا الاستغلال، ب"الرفع من عدد عمليات التفتيش التي تقوم بها السلطات إلى أماكن اشتغال العمال بمختلف مزارع التراب الإسباني، خاصة بمدينة مورسيا حيث تتمركز غالبية حقول الفراولة، للوقوف على ظروف عملهم والمشاكل التي تواجههم، وكذا إجراء فحوصات تقنية للعربات". تجدر الإشارة إلى أن تقريرا صادرا عن "الوكالة الأوروبية للحقوق الأساسية" بعنوان: "استغلال قاس للعمال بمنطقة الإتحاد الأوروبي"، صنف إسبانيا من بين الدول الأوربية الأكثر استغلالا للعمال الأجانب، خاصة أولئك الذين يشتغلون في مجال الفلاحة والبناء والفنادق والمطاعم والأعمال المنزلية والصيد البحري، حيث يستغل المشغِّل وضعيتهم غير القانونية لخرق القانون وانتهاك حقوقهم الأساسية.