أتيحت لي مؤخرا فرصة متابعة ما يثار من نقاش في قنوات الإعلام المغربي المخزني الموجه حول حركة 20 فبراير و انعكاسات نزول المغاربة للشارع احتجاجا على الأوضاع المزرية لقطاعات عريضة منهم. سأقتصر في مقالتي هذه على تناول بعض اللقطات من برنامج حوار على القناة الأولى الذي استضاف عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي عبد الهادي خيرات يوم 05/03/2011 م. تذكير. جدير بالذكر أن حركة 20 فبراير سحبت المبادرة من الأحزاب المغربية و أجبرت لأول مرة رأس النظام على طرح تعديلات دستورية، كانت بالأمس محل مقايضة بين الأحزاب و القصر لتحصيل مناصب وزارية. و كي لا ننسى فالكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي السابق عبد الرحمان اليوسفي أبرم صفقة من وراء قواعد حزبه و عموم المغاربة مع القصر سنة 1996م فيما عرف آنذاك بحكومة التوافق، فأضاع على المغاربة فرصة ثمينة لانتزاع مكاسب إصلاحية عميقة خصوصا و أن الملك الراحل كان في آخر عمره يسعى لتأمين انتقال الحكم لولده من دون متاعب . و على العموم فالاتحاد الاشتراكي سبق و قدم مقترحات دستورية في تعديلات 1996 م لم يأخذ الملك الراحل بأي منها ومع ذلك ابتلع الحزب الإهانة و صوت بنعم على الدستور المعدل في انفصام تام لذاتية الحزب عن مواقفه المعلن منها على الأقل، سنوات بعد ذلك سيشارك الحزب في حكومة إدريس جطو رغم تباكيه المضحك على المنهجية الديمقراطية. وفي واحدة من تجليات العبث السياسي بالمغرب غادر التكنوقراطي جطو و حكومته من دون محاسبة و لا مسائلة، ببساطة لأن أحدا لم يختاره غير الملك. برنامج حوار في اتجاه واحد !!! المضحك في برنامج العلوي أنه كان يتناول محاور مسطرة له من طرف مهندسي الإعلام المخزني، فكانت أسئلته كمن يرفع الكرة الطائرة للاعب خيرات ليسجل أهدافا وهمية تارة على الشعب المنتفض وتارة على الحركات و الهيئات الداعمة لحركة 20 فبراير( الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، العدل و الإحسان و الحزب الاشتراكي الموحد). بل وصل به الاستهزاء أن اتهم مقبلي يد الملك بأن ظهورهم معوجة عوض أن ينتقد البروتوكول المخزني العتيق، في جبن مفضوح و مكشوف للمشاهدين. كان على زمرة الصحافيين المحاورين أن يسألوه عن موقفه من تقبيل يد الملك من طرف رفاقه في المكتب السياسي و أين هذا من المشروع الديمقراطي الحداثي الهلامي المبشر به من طرف المطبلين في جوقة المخزن. لقد فوت خيرات على نفسه فرصة نقد حزبه و مراجعة أدائه الرديء منذ أن استبدل مناضلوه المبادئ بالكراسي و فتات الموائد حتى صيروه حزبا قزما و عصا يهش بها المخزن في وجوه مناوئيه. و الاتحاد الاشتراكي يجسد اليوم نموذج الفاعل السياسي في الحقل المخزني بضعفه و هزاله الذي لازمه من أول يوم رفع فيه شعار: لا للمقعد الفارغ نعم للمشاركة في اللعبة السياسية المخزنية، و أية مشاركة تلك التي عصفت ذات مؤتمر بشبيبة الحزب و نقابته و كثير من مناضليه الشرفاء. ترى هل يسعى خيرات من وراء خرجاته الإعلامية المخزنية الأخيرة إلى تأمين مقعد وزاري أو منصب سامي كمن سبقه من مناضلي الاتحاد المتأخرين، أم هو الحب الأعمى للمخزن الملتحف عباءة المناضل الحنجري؟ قبل الختام. ما لا يريد أن يراه الأقزام من محترفي السياسة في الأحزاب المغربية ( التي لا تخلو من شرفاء و إن كان صوتهم مطموسا ) أن تحولات عميقة حدثت في بنية تفكير المغاربة بفعل الأحداث الجارية إقليميا و عربيا، و أن حاجزا كبيرا من الخوف قد سقط، و أن منسوب الوعي قد زاد بشكل لافت. كما أن الوقت لا يسمح بتغليظ القول و شحذ الحناجر المتخمة ووضع رجل في الحكومة و مثلها في المعارضة، كمن يأكل مع الذئب و يتباكى مع الغنم. فالظرف ظرف تمايز و اصطفاف مع المقهورين من أبناء الشعب أو مع جلاديه. إذا كانت الأحزاب شرطا ضروريا للتأسيس لممارسة ديمقراطية سليمة فإن مزبلة التاريخ تعج بسماسرة السياسة، وما حزبي التجمع التونسي و الوطني المصري عنا ببعيدين. أيا تاريخ ما اعتدنا السجودا.....لغير الله أو كنا عبيدا. لئن دار الزمان وراء شعبي....مع الحرمان يقتات الوعودا. فما زادته أحداث الليالي...... و ألوان الأسى إلا صمودا. وآخر دعوانا أن: اللهم إهد المتملقين من السياسيين للاصطفاف مع شعبهم. [email protected]