بعد الانتقادات الواسعة التي وُجّهت للحكومة بسبب شروطها التعجيزية في قانوني العرائض والملتمسات، والتي قد تجعل من إيصال المجتمع صوته إلى داخل قبة البرلمان أمرا مستحيلا، خرج المجلس الوطني لحقوق الإنسان برأي ينتقد، هو الآخر، السلطة التنفيذية. المجلس قدَّم ملاحظات عدة يعدّد من خلالها نواقص مشروعي القانونين التنظيميين المتعلقين بممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، وممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، والتي تندرج في إطار إعمال مذكرة التفاهم المبرمة بين المجلس الوطني لحقوق الإنسان ومجلس المستشارين. الرأي المقدم بخصوص مشروع القانون التنظيمي الأول لتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، دعا من خلاله المجلس إلى تبسيط شروط تقديم الملتمسات في مجال التشريع والعرائض، وتدقيق أسباب عدم قبولهما، وطالب بتقليص عدد البنيات الحاملة للعرائض بهدف ضمان دعم الفاعلين الذين يعملون في إطار هذين الشكلين من أشكال الديمقراطية التشاركية. ودعا المجلس إلى استبدال العديد من الصيغ؛ منها عبارة "تمس بثوابت الأمة"، مقترحا تقديم "صيغة تصرح بعدم قبول الملتمسات التي تتضمن اقتراحات أو توصيات يكون موضوعها الأحكام المستثناة من المراجعة الدستورية بمقتضى الدستور". وطالب المجلس بتكريس حق أصحاب الملتمس في الاستفادة من دعم تقني في تحريره، وإحداث وحدة إدارية لهذا الغرض على مستوى الإدارة البرلمانية لمجلسي البرلمان، مشددا على ضرورة تكريس مبدأ مجانية جميع المساطر المتعلقة بممارسة الحق في تقديم الملتمسات في مجال التشريع، وكذا حق أصحاب الملتمس في تقديمه بإحدى اللغتين الرسميتين للبلاد؛ العربية أو الأمازيغية. من جهة ثانية، شدد رأي المجلس على أهمية تبسيط مسطرة فحص قبول الملتمس عبر وضع فحص مسبق لقبول الملتمس قبل جمع التوقيعات، وكذا تقليص آجال فحص قبول الملتمس، مطالبا بإعادة اعتبار عتبة التوقيعات الضرورية لقبول الملتمس في اتجاه النهوض بالمشاركة المواطنة مع التنصيص على إمكانية تجميع التوقيعات بطريقة إلكترونية. وفي ما يخص مشروع القانون التنظيمي الثاني لتحديد شروط وكيفيات ممارسة الحق في تقديم العرائض إلى السلطات العمومية، يرى المجلس ضرورة "منح الحق في تقديم العرائض إلى الأجانب في إطار إعمال الفصل 31 من الدستور"، وطالب بحذف شرط القيد في اللوائح الانتخابية لممارسة الحق في تقديم العرائض. ومن ضمن المقترحات التي تقدم بها المجلس إلى السلطة الحكومية "إدراج استثناء على سبب عدم قبول العرائض التي يكون موضوعها قضايا معروضة أمام القضاء أو صدر حكم في شأنها، يتمثل في قبول العريضة إذا كان موضوعها يتضمن مطلب تنفيذ السلطات العمومية لأحكام قضائية نهائية"، منبها إلى "إدراج استثناء على سبب عدم قبول العرائض التي يكون موضوعها وقائع تكون موضوع تقصٍّ من قبل اللجان النيابية لتقصي الحقائق". وفي هذا الصدد، أوصى رأي المجلس بحذف سبب عدم قبول العرائض التي "تكتسي طابعا نقابيا أو حزبيا ضيقا"، والاحتفاظ بسبب "عدم قبول العريضة التي تكتسي طابعا تمييزيا"، داعيا إلى "حذف شرط إرفاق اللائحة بنسخ البطائق الوطنية للتعريف الخاصة بالموقعين، باعتبار أن لائحة دعم العريضة تتضمن هذه الأرقام". وفي الوقت الذي أكد فيه المجلس على أهمية تخفيض جوهري لعتبة التوقيعات المشترطة لتقديم العرائض، أعلن رفضه منع العريضة لأسباب شكلية، مع التنصيص على تبليغ وكيل لجنة تقديم العريضة بحالات عدم استيفاء الشروط الشكلية، ومنحه، بعد هذا التبليغ، أجلا معقولا لاستيفاء هذه الشروط.