قال محمد أمين الصبيحي، وزير الثقافة، إن جامعة مولاي علي الشريف راكمت منذ انطلاقها سنة 1989 أبحاثا متميزة همت بالدرس والتحليل الأسرة العلوية انطلاقا من الملك محمد بن يوسف إلى المرحوم الحسن الثاني، مشيرا إلى أن هذه الفترة "تشكل لحظة حافلة بأحداث ومنجزات أرست قواعد مغرب اليوم". وأورد المسؤول الحكومي في كلمته خلال افتتاح فعاليات الدورة العشرين من جامعة مولاي علي الشريف، والتي نظمتها وزارة الثقافة تحت رعاية الملك محمد السادس، بدار الثقافة بمدينة مراكش، حول "مصادر التأريخ لعهد جلالة الملك الحسن الثاني"، أن الغاية من موضوع الندوة العلمية هو رصد "المعالم البارزة لهذه الحقبة لتمكين الأجيال المقبلة منها كجزء من تاريخ المغرب الحديث في سياق الحفاظ على تاريخنا المعاصر"، مبرزا أهمية تسليط الضوء على جوانب من حياة الحسن الثاني كمفكر وسياسي قاد المغرب في ظل تحديات متعددة وصعبة. أما عبد الحق المريني، مؤرخ المملكة ورئيس اللجنة العلمية لجامعة مولاي علي الشريف، فأبرز خلال درسه الافتتاحي معالم التحدي في شخصية الملك الراحل الحسن الثاني منذ لحظة الاستعمار إلى بناء الدولة المغربية بعد توليه الحكم، مؤكدا أن الملك الراحل اختار طريق الصعاب والتحديات، كتحصيل العلم ومتابعة أمور السياسة بدل حياة اللهو، "مما صنع منه رجلا هماما". واسترسل المتحدث نفسه مستشهدا على ذلك بمشاركة الملك الحسن الثاني في التظاهرات المنددة بالاستعمار الفرنسي، وبحضوره إلى جانب والده محمد الخامس في مفاوضات الاستقلال بين كبار الساسة "الذين اجتمعت في أيديهم أسباب الحرب ومفاتيح السلام بمؤتمر أنفا"، يقول لمريني، كالرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت، ورئيس الوزراء البريطاني ونستون تشرشل. تحدي الصعاب يتمثل كذلك في جواب المرحوم الحسن الثاني على سؤال لئيم للجنرال غيوم، مفاده "هل أنت مع فرنسا أم ضدها؟"، فكان الرد، يوضح لمريني، إذ أجاب ولي العهد آنئذ قائلا: "أنا لست ضد فرنسا ومع استقلال بلادي"، مشيرا إلى "تحدي المنفى ومواجهة مشاكل الاستقلال إلى جانب والده، كالأمن والوحدة الترابية وبناء جيش قوي...". "لقد نفد المرحوم الحسن الثاني وصية والده: "كن خير خلف لخير سلف" حين وضع أول دستور للمغرب لتحقيق العدالة الاجتماعية، وبذلك تحدى الرأسمالية المتحجرة والاشتراكية المندفعة، والإيديولوجيات ببرنامج يتساكن ويتعاون فيه الحاكم والمحكوم بدل التسلط والتمرد"؛ لذلك يضيف مؤرخ المملكة، "وضع باني السدود قواعد الحرية والتعددية السياسية". من جهته، عبر محمد العربي بلقايد، رئيس المجلس الجماعي لمراكش، عن سعادته باحتضان أشغال الندوة قائلا: "مدينة مراكش التي تشبثت عبر تاريخها ولازالت بالعرش العلوي المجيد تحتفي مرة أخرى بأحد الملوك العظام في تاريخ المغرب، الذي بصم هذا الوطن بقراراته النيرة ومسيرته الظافرة، مؤسسا الدولة الحديثة بمؤسساتها الدستورية". وأكد بلقايد أن هذا اللقاء العلمي فرصة "للغوص في فكر شخصية استثنائية وموسوعية تميزت بالنبوغ في المحافل الدولية"، مشيرا إلى مكانة الحضرة المراكشية لدى المرحوم الحسن الثاني الذي أعطى انطلاقة المسيرة الخضراء منها سنة 1975، وعقد بها قمة الاتحاد المغاربي (سنة 1984) واتفاقية التجارة العالمية (1994)". ثريا غربال، رئيسة لجنة الشؤون الثقافية بمجلس جهة مراكش، قالت نيابة عن أحمد أخشيشن إن "عهد الحسن الثاني شكل فترة منجزات مكنت من بناء أسس وقواعد دولة حديثة في مختلف القطاعات"، مذكرة "بكون الملك المرحوم حكم البلاد في ظل ظروف إقليمية ودولية تتميز بثنائية قطبية، واستطاع قيادة المغرب بفضل مواقفه وأفكاره الخلاقة باعتباره رجل سياسة وفكر"، حسب تعبيرها.