منذ انعقاد أول دورة في الرباط عام 1969، ردا على جريمة إحراق المسجد الأقصى في القدسالمحتلة، ظلت القمم الإسلامية التي تلتها حاملة لمواقف وأحداث خاصة بالأوضاع الدولية، إلا أن الدورة ال13 من قمة المنظمة التي تضم 57 دولة إسلامية، والتي تحتضنها إسطنبول التركية اليوم الخميس، لم تخل أيضا مما يميزها عن سابقاتها. ويغيب عن القمة الحالية، العاهل المغربي محمد السادس، حيث مثل المغرب وزير الشؤون الخارجية والتعاون، صلاح الدين مزوار، في وقت شهد الموعد الإسلامي مشاركة أكثر من 30 رئيس دولة وحكومة، في مقدمتهم زعماء تركيا والسعودية والكويت وقطر وإيران واليمن، إلى جانب رؤساء برلمانات، ووزراء خارجية الدول الأعضاء بالمنظمة. القمة الإسلامية، التي انطلقت تحت شعار "الوحدة والتضامن من أجل العدالة والسلام"، جمعت في قاعة واحدة "الإخوة الأعداء"؛ العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، والرئيس الإيراني حسن روحاني، خاصة بعد إعلان البلدين قطع علاقاتهما الدبلوماسية مطلع العام الجاري، إثر الاعتداءات التي طالت سفارة الرياض في طهران وقنصليتها في مدينة مشهد، بعد اندلاع احتجاجات ضد إعدام السعودية لرجل الدين الشيعي، نمر باقر النمر. العاهل السعودي وجد نفسه مضطرا للجلوس في قاعة واحدة وأخذ صورة تذكارية جماعية مع رئيس وزراء لبنان، تمام سلام، في وقت تعيش فيه العلاقات بين لبنان ودول الخليج توترا حادا، أبرز مظاهره قرار السعودية، في فبراير الماضي، وقف المساعدات العسكرية الموجهة للجيش اللبناني، ردا على ما وصفته "هيمنة حزب الله" على القرار السياسي في لبنان، قبل أن تجمع دول "مجلس التعاون الخليجي"، منذ أسابيع، على تصنيف الحزب "منظمة إرهابية". أما الرئيس الإيراني، حسن روحاني، الذي تدعم بلاده جماعة "أنصار الله"، الشهيرة بجماعة الحوثي، في اليمن، فلم يجد بدا من أن تجمعه "قمة اسطنبول" مع الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، الذي قررت حكومته في أكتوبر 2015 قطع علاقاتها مع طهران، إذ يتهم هادي روحاني بتسليح الحوثيين الذين يشنون تمردا بتحالف مع ما تبقى من القوة العسكرية التابعة للرئيس اليمني المخلوع، علي عبد الله صالح. على المستوى المغربي، يمثل الرباط وفد مغربي رسمي رفيع، يترأسه وزير الشؤون الخارجية والتعاون صلاح الدين مزوار، الذي تكفل بإلقاء خطاب من العاهل المغربي أمام قادة الدول الإسلامية، في وقت يتدارس هؤلاء 12 وثيقة، تضم أبرزها قضايا فلسطين والصراع العربي الإسرائيلي، وحالات النزاع في العالم الإسلامي والهجرة، ووضعية المجتمعات المحلية المسلمة في الدول غير الأعضاء، ومكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، والإسلاموفوبيا، والوضع الإنساني في العالم الإسلامي. بوقنطار: ليس هناك انتظارات الحسن بوقنطار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة محمد الخامس بالرباط، قلل من شأن القمة الإسلامية المنعقدة باسطنبول، لأنها، من جهة، "قمة كباقي القمم هدفها هو لقاءات تتم بين رؤساء الدول وتسمح بتبادل وجهات النظر والمواقف"، ومن جهة ثانية "لا يمكن أن ننتظر من مثل هذه التجمعات حلا جوهريا للمشاكل العويصة التي تعيشها المنطقة، والمرتبطة بمصالح كبيرة". بوقنطار توقف، في تصريح أدلى به لهسبريس، عند تمثيليات عدد من الدول في قمة اسطنبول، "هناك دول ممثلة بالمستوى العالي وهناك دول أخرى مثلت بمستويات متدنية"، في إشارة إلى المغرب الذي حضر ممثلا بوزير الخارجية عوضا عن العاهل المغربي، "هو تعبير على وجود قناعة تقر بأنه ليس هناك سقف انتظارات كبير من هذه القمة". ويرى المتحدث أن منظمة التعاون الإسلامي تبقى في نهاية المطاق "خليطا من دول لدى كل واحدة تطلعات، لكن في غياب آليات لفرض القرارات التي تكون في غالب الأحيان ضعيفة"، مضيفا أن البيان الختامي سيحمل تأكيدا على ثوابت التضامن بين الدول ومكافحة الإرهاب ومواجهة التطرف وحل الخلافات بين الدول الإسلامية، "بعد ذلك، سيفض الاجتماع وستعود كل دولة لسياستها التي تستجيب لمصالحها"، يخلص بوقنطار.