لم يقتصر الرد على تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة على الجهات الرسمية فقط، فتصريحات بان كي مون المستفزة دفعت المغاربة، بجميع أطيافهم، إلى التعبير عن غضبهم بجميع الوسائل المتاحة، إحدى أكثرها فعالية وسهولة عرائض احتجاجية أطلقها عدد من المغاربة الشباب على الإنترنت لشجب "الهراء القانوني" الذي تفوه به كي مون، كما وصفته الخارجية المغربية. وانبرى عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي إلى التنديد والرد، بطريقتهم، من خلال حشد حملة من التوقيعات عبر مواقع خاصة لهذا الغرض. فمباشرة بعد تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة "المنحازة"، انطلقت حملة من التوقيعات على عريضة تعبّر عن احتجاج المغاربة، وبقوة، ضد التصريحات المنحازة في موضوع الصحراء، خلال زيارته الأخيرة إلى المنطقة. من "مسيرة الأحد" التنديدية إلى عرائض الاحتجاج الافتراضية، انتقل غضب فئات واسعة من الشعب المغربي، حيث انخرط أزيد من ثلاثة آلاف مغربي في التوقيع على عريضة احتجاجية ضمن موقع "أفاز"، أحد أكبر المنصات على شبكة الإنترنت التي تمكن المواطنين عبر العالم من إطلاق حملات بهدف التغيير والتعبير عن الرأي. وفي مبادرة مشابهة، أطلقت جمعية "منتدى إفريقيا للريادة"، حملة تعبئة جماهيرية على الإنترنت تحت عنوان "لنقل جميعا لبان كي مون إن الصحراء مغربية"، والتي تهدف إلى إيصال صوت المواطنين المغاربة إلى المسؤول الأممي، ومنحهم حق التعبير عن مدى استيائهم من تصريحاته المستفزة، وذلك ببعث توقيعاتهم عبر البريد إلكتروني. ريحان الهبطي، نائبة رئيسة الجمعية المكلفة بالتواصل والعلاقات العامة، قالت إن فكرة إنشاء منصة على شبكة الإنترنت جاءت بهدف حشد حملة جماهيرية للتعبير عن مدى استياء المغاربة من تصريحات كي مون، مضيفة أن الحملة لن تتوقف إلا بعد أن يقدم المسؤول الأممي اعتذاره للمغاربة عما صدر عنه. وأضافت الهبطي، في تصريح لهسبريس، أن "المنتدى دبّج رسالة مفتوحة إلى الأمين العام للأمم المتحدة تم توزيعها على سفراء الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي بالرباط"، موضحة تفاصيل المبادرة بأن "كل مشاركة للمواطنين عبر البوابة الرقمية للمنتدى يترتب عنها إرسال رسالة مباشرة إلى البريد الإلكتروني للأمين العام للأمم المتحدة، تنقل استياء المغاربة بشأن تصريحاته". مظاهرة افتراضية حمزة الترباوي، ناشط عبر شبكات التواصل الاجتماعي، قال إن هذه المبادرات تدخل ضمن إطار جديد من التعبير عن الرأي، حيث بات بإمكان المواطنين المغاربة التعبير عن مواقفهم وآرائهم من القضايا المجتمعية المطروحة للنقاش من خلال استعمال إمكانيات التفاعل التي تتيحها العديد من المواقع الإلكترونية المتخصصة في إعداد العرائض الاحتجاجية. "عن طريق نقرتين أو ثلاث خلال ثوان معدودة يمكن لأي مواطن أن يضم صوته إلى الآلاف من الأصوات عبر العالم للإيصال رأيه، ما يمنحه قدرة على التفاعل مع الأحداث"، يقول الترباوي، الذي أكد، في تصريح لهسبريس، أن توقيع العرائض على شبكة الإنترنت شبيه بمظاهرة في الشارع، بل هو أكثر فعالية بحيث يمكن الوصول إلى حشد الملايين من الأشخاص في مدة زمنية قصيرة جدا. وحول مدى تأثير هذه العرائض على مجرى الأحداث التي تنتفض ضدها، أبرز الترباوي أن لهذه المبادرات الافتراضية تأثير فعلي، خصوصا عندما يصل صداها إلى وسائل الإعلام التي تملك قوة الضغط على مواقع القرار، الأمر الذي ينتج عنه فعلا التغيير، بحسب المتحدث ذاته. وختم المختص في مجال المعلوميات والإنترنت حديثه بالقول إن أقل ما يمكن أن ينتج عن هذه العرائض الاحتجاجية هو فتح نقاش وإيصاله إلى المؤسسات التي تملك قوة الضغط، مذكرا، في السياق ذاته، بالنقاش الذي أثارته قضية معاشات البرلمانين، التي أطلقت بشأنها عريضة وصلت إلى الديوان الملكي، ما يوضح بجلاء، بحسب الترباوي، قوة تأثير العرائض الاحتجاجية. *صحافي متدرب