"نحنُ جيل بأجداده وآبائه، لذلك لا عجب أن نحيي الليلة هذا اللقاء، لقاء الوفاء"، بهذه الجملة استهلَّ الأديب المغربي أحمد المديني كلمة ألقاها في حفْل تكريم للشاعر المغربي الراحل أحمد المجاطي، في رحاب المكتبة الوطنية بالرباط. المديني قالَ إنَّ مناسبة تذكُّر تكريم الشاعر المغربي الراحل، جاءت صدفة خلال العام الماضي وهو في القاهرة، "حيث رأيتُ الخلق يهيج ويموج من أجل الاحتفال بالذكرى السبعين للروائي يوسف القعيد، فاستغربتُ وقلت كيف أننا نحن في بلادنا ننسى أحياءنا وموتانا في آن"، يقول الأديب المغربي. وحضرَ حفْلَ التكريم، الذي كانَ مناسبة لتقديم كتابٍ عن الشاعر الراحل أحمد المجاطي، بعنوان "شاعر في السماء"، ساهمَ فيه عدد من الأدباء والشعراء المغاربة، (حضره) مجموعة من المثقفين المغاربة، وقدّمَ خلاله الشاعر صلاح الوديع قصائد للشاعر الراحل. الشاعر إبراهيم السولامي قالَ، في كلمة ألقاها بالمناسبة، إنَّ الشاعر أحمد المجاطي خلّف ديوانا شعريّا واحدا، هو ديوان "الفروسية"، ولكنْ له قصائد لم تُطبع، مضيفا أنّ اقتصاره على ديوان واحد ليس خاصية مجاطية، بل شاطره فيها شعراء كبار مثل أبي القاسم الشابي، ومحمد الخمار الكنوني، ورومبو وآخرين. وفضلا عن ديوانه الشعري الوحيد، خلّف الشاعر أحمد المجاطي كتابيْن حول القصيدة العربية الحديثة، هما "ظاهرة الشعر الحديث"، و"أسباب الحداثة في الشعر الحديث"، ضمّنهما رأيه في التجربة الحداثية في الشعر العربي، رأي قالَ السولامي إنّه يثير الجدل في بعض مناحيه. من جهته شبّه الناقد نجيب العوفي، في شهادة في حقّ الشاعر أحمد المجاطي، التواجدَ في ضيافته "أشبه ما تكون بالقدّاس الشعري"، مضيفا: "نحنُ في ضيافة الشعر الرفيع المتقون، الذي لا تخبو شعلته". وتحدّث العوفي بكثير من النوستالجيا عنْ زمن الشاعر أحمد المجاطي، قائلا: "الداعي إلى هذا التكريم هو الحاجة المستمرة لأحمد المجاطي، شاعرا عابرا للأجيال وحاملا لواء الشعر والشعراء على مرّ الأيام". واعتبرَ الناقد المغربي أنَّ إلقاء نظرة على "الواقع العربي الكالح" حاليا، حيث العالم العربي غارق في الليل العربي، والدم العربي، تدعو إلى أن "نستعيد تلك الأصداء الشعرية الهائلة لنصوص المجاطي، وكأنه كان راصدا لواقع الحال وواقع المآل أيضا"، مشيرا إلى عدد من قصائده، مثل "سقوط"، "كبوة الريح"، "خف حنين"، "القدس"، "وراء أسوار دمشق"... وتأسّف العوفي للواقع الشعري العربي راهنا، حيثُ هجر الشعراء القصيدة ولجؤوا إلى النثر، وأضاف بحسرة: "صار زمن الشعر في تراجع أمام السرد، رواية وقصة، وصار كثير من الشعراء الوازنين يهاجرون من الشعر إلى السرد، أي يهاجرون من الشعر إلى النثر، ولا يعودون إلى القصيدة إلا خلسة".