بعد معاناة طويلة مع المرض، انتقل إلى عفو الله تعالى صباح اليوم الخميس، الموسيقار المغربي، الملقب ب"ملك العود"، سعيد الشرايبي، عن عمر يناهز 65 عاما، وذلك بمستشفى الشيخ خليفة بن زايد بمدينة الدارالبيضاء، وهو المستشفى الذي سبق أن دشنه الملك رفقة ولي عهد الإمارات في مارس من العام الماضي. ولفظ "ملك العود" أنفاسه الأخيرة في الساعة السابعة من صباح اليوم، بمستشفى الشيخ خليفة بن زايد، والذي قضى فيه أكثر من أسبوع، بعد أن تم نقله إليه من مدينة مراكش، بسبب تردي حالته الصحية، الناجمة عن ترادف الوعكات الصحية التي نالت من قلبه العليل. وكان الشرايبي قد ولج الأسبوع المنصرم إلى إحدى مصحات مدينة مراكش، التي ينحدر منها، بسبب مضاعفات مرض الربو "الضيقة" المزمن، الذي كان يدخله أحيانا في غيبوبة من شدة المرض، وهو ما أفضى به بحسب معارفه إلى أن يقلل من ظهوره الفني، ويلغي عددا من سفرياته خارج البلاد. وبوفاة الشرايبي تكون أسرة الموسيقى المغربية والعربية الأصيلة، قد فقدت أحد أهرامات العزف بالعود، والذي توج بكثير من الجوائز، منها جائزة العود ببغداد في 1986، وجائزة الموسيقى الغرناطية بباريس في 1992 ، وجائزة الاستحقاق بدار الأوبرا بمصر في 1994، وجائزة القدس والعود الذهبي بالرباط سنة 2002 ، وجائزة زرياب للموسيقى أيضا. ورأى الشرايبي النور أول مرة في العاصمة الحمراء في الثاني من فبراير من سنة 1951، ويصنفه كبار الفنانين والمهتمين بالموسيقى العربية والعالمية أيضا بكونه أحد أفضل من عزف على العود في الوطن العربي، كما أن صلته بهذه الآلة "الحكيمة" ترجع إلى عقود من الزمن. وعزفت أنامل الراحل الشرايبي على العود أول مرة وهو في سن المراهقة، عندما كان يبلغ من العمر 13 عاما، ومنذ ذلك الحين لم يفارق عوده إلى أن فاضت روحه إلى بارئها، تاركا الكثير من الأعمال الفنية الأصيلة التي يزخر بها "ريبيرتوار" الموسيقى المغربية والعربية. واستطاع الراحل الشرايبي أن يرسي جسورا من التواصل والتعايش بين الثقافات والحضارات المختلفة، حيث كان له الفضل الكبير في تأسيس العلاقة بين الموسيقى العربية الأندلسية والتركية والفارسية، فبرع في تأليف ألحان كانت تحمل هوية مغربية بطابع ومقامات أندلسية وتركية. وليس العزف وحده الذي تألق فيه ملك العود المغربي، ولكن أيضا مجال التلحين الذي قدم فيه العديد من الأغاني المتميزة لكثير من نجوم الأغنية المغربية، وعلى رأسهم المطربة نعيمة سميح، التي غنت له "تلاقينا بعد الخصام"، وأيضا صاحب الحنجرة الذهبية الحاج عبد الهادي بلخياط في أغنيته "بوح يا قلبي"، وكريمة الصقلي في "ظلال" و"العشاق".