كادت تطغى الأجواء الفريدة من نوعها التي رافقت "ديربي الشمال الكلاسيكي" بين فريقيْ اتحاد طنجة والمغرب التطواني، على المباراة نفسِها بعد أن تحوّلت إلى مباراتين، واحدةٌ داخل الملعب وأخرى خارجه بدأت منذ أسبوع ولم تنته تماما بعد. تنوعت المشاهد بين الطريف والمخيف، فكان من طريفها أن عددا من جماهير طنجة أثبت أنه وصل فعلا لتطوان قبل المباراة بأيام من خلال رسم شعارات الفريق بجدران مدينة تطوان، بل وعلى باب ملعب سانية الرمل نفسه. أما المخيف منها فكان عبارة عن صُور تظهر سيوفا وتهديدات وتحدّيات صبيانية قد تكون مجرد كلام وقد تتحوّل فعلا إلى شغب واشتباكات قد تكون عواقبها وخيمة، حسبما صرّح مصدر أمني لهسبريس. هذا الشنآن الذي وقع بين محسوبين على جماهير الفريقين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قبل المنع، كان كافيا جدّا، حسب ذات المصدر، لاتخاذ قرار المنع دون حرج. وبعد تعبئة جماهير طنجة واستعداداتهم لحضور المباراة بكثافة من خلال إعلانهم عن رحلات منظمة ابتداء من الخميس الفارط، جاء قرار المنع ليضع حدّا لكل ذلك الحماس، وليخلق جدلا جديدا ورغبة مختلفة لحضور المباراة بشتى الطرق. المنع طال التنقل الجماعي، فبقي لعدد من جماهير طنجة أملُ التنقل بطرق مختلفة، كان بعضها غير مسبوق ومفاجئا. فقد تنقل العشرات من جماهير اتحاد طنجة سيرا على الأقدام من طنجة نحو تطوان، في رحلة بدأوها ليل السبت ليصلوا إلى تطوان صباح الأحد دون تسجيل أي حوادث ! فرحة الوصول دفعت الجماهير للاتجاه نحو محطة الحافلات لتأكيد وصولهم للمدينة رغم المنع، وهو الأمر الذي جعل الأمن يحاصرهم هناك مدّة طويلة حتى بعد انطلاق المباراة، لتتحول الفرحة مجدّدا إلى غضب وأسف. بالمقابل، ورغم انطلاق المباراة، أكّد البشير.ا، أحد جماهير طنجة في اتصال هاتفي، أن أزيد من 1000 مشجع طنجاوي تواجدوا خارج الملعب ظلّوا ممنوعين من الدخول رغم انطلاق المباراة لفترة طويلة قبل أن يتم السماح لهم بالدخول أخيرا قبل نهاية الشوط الأول بدقائق. هؤلاء تنقلوا بطرق مختلفة أيضا، حيث تحايل بعضهم على نقاط المراقبة التي تواجدت بكثافة في الطريق بين طنجةوتطوان، فكانوا "ينزلون من السيارات التي تنقلهم كلما اقترب من إحدى نقاط المراقبة، ويكملون الطريق سيرا على الأقدام بشكل متفرق، قبل أن يعودوا للركوب بعد تجاوز حاجز المراقبة" حسبما رواية أحد جماهير اتحاد طنجة لهسبريس. وفي مدينة طنجة، امتلأت المقاهي عن آخرها، في أجواء لم يكن يعرفها سوى الكلاسيكو الإسباني، ولأول مرة – يقول نادل أحد المقاهي – "تحظى مباراة للبطولة الوطنية بهذا الإقبال الشديد من طرف الزبائن، مقارنة بما تعرفه مباريات الليغا الإسبانية". انتهت المباراة إذن بانتصار التطوانيين بهدف للاشيء، لكن تداعيات ما حدث من منع وتنقّلات غير مسبوقة، قد تكون لازالت متواصلة بين ارتياح أمني من انتهائها دون حوادث ملحوظة وبين جمهور يحمل همّ العودة.. أيكون سيرا على الأقدام مجددا أم أن طريقةً أخرى ستلوحُ في الأفق؟