لمْ يمنع الجوّ الماطر عشراتِ المتطوّعين من المشاركة في سباق "تيري فوكس" في دورته الخامسة صباح اليوم بالرباط، والهادف إلى جمْع تبرّعاتٍ لفائدة مرْضى السرطان، والتضامُن معهم. السباقُ الذي انطلقَ من أمام مستشفى الأطفال السويسي بالعاصمة، والمُقام تحتَ رعاية مؤسسة لالة سلمى للوقاية وعلاج السرطان، أعطت انطلاقته العدّاءة المغربيّة السابقة نزهة بيدوان. وشارَكَ في الذي حضره وزير الشباب والرياضة، الحسن السكوري، وسفيرة كندا بالمغرب ناتالي دوبي وعددٍ من الرياضيين المغاربة، (شارك) فيه عشرات المواطنين، من مختلِف الأعمار، بمن فيهم الأشخاص في وضعية إعاقة. وتمّ تخصيص أقمصة موحّدة للمشاركين في السباق التضامني والتطوّعي، لقاءَ سبعين درهما للقميص، في إطار جمْع تبرّعاتٍ للمرضى، وجَرى السباق تحت شعار "لنتّحد ضدّ السرطان في المغرب". وبمُوازاة معَ إجراء السباق، اُقيمتْ ورشة صغيرة للرسم لفائدة مجموعة من الأطفال المرضى بالسرطان، كمَا تمّ تكريم الإعلامي محمد شروق، وهُو عرّابُ السباق، ومؤلّف كتاب "أنا والسرطان". شروق، الذي استطاعَ التغلّبَ على الدّاء الخبيث، ودوّنَ قصّته معه في كتاب "أنا والسرطان"، قالَ في تصريح لهسبريس إنَّ مرضى السرطان في أمس الحاجة للدعم النفسي، معتبرا أنّه أهمُّ من العلاج بالأدوية. وأوْضح شقور أنَّ العلاج الكيميائي والإشعاعي لا يثمر نتائج جيّدة إذا لم يكن المريض بالسرطان مُحاطا بالدعم النفسي من طرف محيطه، سواء عائلته أوْ أصدقاؤه والمقربون منه، في حين أنَّ وجودَ هذا الدعم يُعزّزُ حظوظ العلاج ويجعل المريض يتغلّبُ على الداء. شقور الذي بَدا في صحّة جيّدة، بعْدَ معركة مريرة ضدّ السرطان، خرجَ منها منتصرا، قالَ إنَّ شفاءَ المرضى بالداء الخبيث باتَ أمرا ممكنا، في ظلّ التطور الذي يعرفه المغرب على مستوى توفير العلاج، والدور الذي تلعبه مؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان على مستوى التحسيس والعلاج، ووجود جمعيات على المستوى الجهوي تشتغل في هذا المجال. واعتبر شقور أنّ سباق "تيري فوكس" هو رسالةُ أمل وإرادةٍ وتحدٍّ، مُردفا "الرسالة التي أريد إيصالها إلى المرضى هي أنّ عليهم أن يتكلموا عن مرضهم لمحيطهم وأصدقائهم، وألا يتهرّبوا من ذلك لأنّ الإنسان حينَ يُخفي مَرضه ولا يبوح بمعاناته يبدأ الانهيار ويتفاقم المرض". وأردف: "يجبُ على المرضى أن يعتبروا السرطان مَرضا عاديا كباقي الأمراض المزمنة مثل السكّري والضغط الدموي.. وإذا تعاملنا معه على هذا النحو يسهُل التغلّب عليه"، ودَعا المتحدّث المرضى إلى التفريق بين المرض كمرض وبين الموْت، وعدم الربْط بينهما. من جهتها عبّرت العدّاءة المغربية والبطلة الأولمبية السابقة نزهة بيدوان، عن سعادتها لحجْم المشاركة في سباق "تيري فوكس"، رُغمَ الجوّ الماطر، وحُضور عددٍ من المحسنين للمشاركة في عمليّة التبرع لفائدة مرضى السرطان. "هذا السباق هُو تظاهرةٌ فقط للتضامن مع مرضى داء السرطان، وجمع التبرعات لهم، وليس سباقا للمنافسة، والناس يساهمون بكل تلقائية وفرح، ليس للفوز ولكن للتضامن مع المرضى"، تقول بيدوان، مشيرة إلى أنَّ التبرّعات تذهبُ إلى "جمعية المستقبل". بدوْرها عبّرت سفيرة كندا بالمغرب، ناتالي دوبي، عنْ سرورها بنجاح التظاهرة، قائلة: "السباق عرفَ نجاحا كبيرا، وهذه مناسبة جميلة نلتئم فيها للبحث عن تمويل للجمعيات العاملة في مجال محاربة السرطان، والتعبير عن تضامننا مع المرضى. الحسن السكوري، وزيرُ الشبيبة والرياضة، اعتبرَ أنّ السباقَ الذي يتزامنُ مع اليوم العالمي لمحاربة سرطان الأطفال، هو وقفة إنسانية نبيلة، يلتقي فيها النبل مع ما تقوم به مؤسسة للا سلمى سلمى للوقاية وعلاج السرطان والجمعيات العاملة في هذا المجال. وأضاف وزير الشبيبة والرياضة أنّ الرياضة حاملة لعدد من القيم ومنها قيم التضامن، "وهذه العملية تدخل في هذا الإطار، إذْ يجب أن تلعب الرياضة هذه الأدوار الاجتماعية والإنسانية"، يقول المتحدث. جدير بالذكر أن ماراتون الأمل "تيري فوكس"، سمي كذلك نسبة إلى البطل الكندي المعروف تيري فوكس، والذي بترت ساقه اليمنى عندما كان في سن الثامنة عشر بسبب داء السرطان، غير أنه لم يقف مكتوف اليدين، بل تحدى الصعاب وقرر مساعدة مرضى هذا الداء. وقرر البطل الكندي أن يركض ليجمع التبرعات والهبات لفائدة مرضى السرطان في بلده وفي العالم، بعد أن تأثر كثيرا لمشاهد الأطفال الذين يعانون من آلام هذا المرض القاسي في أحد مستشفيات كندا، ليقرر بعد ذلك الركض بساق اصطناعية عبر مقاطعات كندا، لجمع المبالغ اللازمة لتمويل الأبحاث التي تساهم في القضاء على الداء.