بعد الاحتقان الذي دام حوالي سنتين بين الحكومة والنقابات الأكثر تمثيلية، التي لوحت غير ما مرة بورقة الإضراب العام في وجه السلطة التنفيذية، عقدت النقابات العزم على خوض إضراب عام ثان يوم الأربعاء 24 فبراير الحالي، وهو الإضراب الذي تضاربت نتائجه، إذ اعتبرته النقابات ناجحا بكل المقاييس، بنسبة تتجاوز 84 %، فيما الحكومة، وعلى لسان ناطقها الرسمي مصطفى الخلفي، أكدت أن نسبة نجاحه لم تتجاوز 39 % في القطاع العمومي؛ فيما لم تتعد 4.8 % في القطاع الخاص. وبغض النظر عن نسب المشاركة، يطرح سؤال متعلق بفترة ما بعد الإضراب، وهل من حلول ستبرز للتخفيف من الاحتقان السائد بين الحكومة والمعارضة؟. عبد الحميد الفاتيحي، الكاتب العام للفدرالية الديمقراطية للشغل، اعتبر أن الإضراب العام ليوم 24 فبراير نجح بشكل كبير، خاصة في القطاع العام، مضيفا: "أرسلنا من خلاله مجموعة من الرسائل للحكومة، لعل أبرزها أن النقابات خاضت الإضراب بشكل واع ومسؤول. كما تم إفشال مساعي كل من في قلبهم مرض، وحاولوا أن يخرجوا الإضراب عن إطاره الطبيعي.. إضافة إلى إجماع كل النقابات على رفض مقاربة الحكومة في إصلاح الملف الاجتماعي بكل تفرعاته". واسترسل الفاتيحي، في تصريح لهسبريس، بأن نجاح الإضراب العام "يجعل الكرة الآن في ملعب الحكومة، التي يجب أن تعيد مقاربتها لإصلاح ما تعتزم إصلاحه"، قائلا: "لسنا ضد الإصلاح، لكن الحكومة أبانت عن فشل مقاربتها لإصلاح صناديق المقاصة والتقاعد، وما إلى ذلك من القضايا المتعلقة بالحوار الاجتماعي". وأضاف المتحدث نفسه: "المفروض حاليا أن نجلس إلى طاولة الحوار وأن نقدم طرحنا، ونحن مستعدون أن نقدم مقترحات أكثر تقدما من المذكرة التي رفعناها، والتي تضمنت نقاط إصلاح عامة.. لكن من الواجب توفير إطار من طرف الحكومة يتسم بحسن النية والثقة". من جهته قال محمد مبديع، وزير الوظيفة العمومية، في هذا الصدد: "رغم غياب ما يبرر الإضراب، إلا أننا لم نكن ضده، فمن الجيد أن تقوم النقابات بالإضراب كآلية من آليات تعزيز الصرح الديمقراطي للبلاد، ونحن الآن ننتظر اقتراحات النقابات للمساهمة في الإصلاح". مبدع، وخلال تصريحه لهسبريس، كشف أن موقف الحكومة واضح ومنفتح على مقترحات النقابات، "ويبرز إصلاح صندوق التقاعد كنقطة استعجالية لا يمكن أن تنتظر، لأن كل يوم يمر يزيد من تأزيم الأمر، في حين أن هنالك نقاطا من الممكن أن تنتظر"، حسب تعبيره. تجدر الإشارة إلى أن إضراب 24 فبراير الماضي جاء بعد وصول الحوار بين الحكومة والنقابات إلى الباب المسدود، بعدما أرجعت الأخيرة السبب الرئيس للإضراب إلى "تعنت الحكومة ونهج سياسية الهروب إلى الأمام، ومحاولة فرض الأمر الواقع بتعطيل الحوار الاجتماعي وتغييب الدور الدستوري للحركة النقابية". *صحافي متدرب