يبدو أن الدبلوماسية المغربية باتت مطالبة بالعمل الكثيف اليوم أكثر من أي وقت مضى، بعد تسجيل تحركات جبهة البوليساريو الانفصالية للكثير من النقاط لفائدتها، خاصة داخل المؤسسات التشريعية في أوروبا، والتي ترغم الرباط على الاكتفاء برد الفعل المشوب، غالبا، بالتنديد والاحتجاج. وبعد أن "زعزعت" البوليساريو علاقات المغرب بالسويد، إثر اعتزام ستوكهولم الاعتراف بما يسمى "الجمهورية الصحراوية"، وما أثار ذلك من ردود فعل مغربية، خاصة على مستوى الدبلوماسية الحزبية والموازية، وبعد رفض محكمة العدل الأوروبية استيراد المنتجات الصحراوية، جاء الدور على البرلمان الألماني. وكان البرلمان الألماني، "البوندستاغ"، قد نظم، مؤخرا، ندوة حول قضية الصحراء بعنوان "كفاح الشعب الصحراوي من أجل نيل الحرية والاستقلال"، بمبادرة من نواب ألمان متعاطفين مع الطرح الانفصالي، وممثلي الجبهة في بعض الدول الأوروبية، تم فيها عرض فيلم وثائقي ألماني بعنوان "آخر مستعمرة..الشعب المنسي بالصحراء الغربية". هذا الاختراق الدبلوماسي، إن صح التعبير، الذي يبدو أن البوليساريو نجحت فيه، مدعومة من صانعتها الجزائر، لعدد من المؤسسات التشريعية الأوروبية، مثل السويد وألمانيا وغيرهما، بات يطرح العديد من علامات الاستفهام بشأن جدوى العمل الدبلوماسي داخل سفارات المملكة. في هذا الصدد، شددت نزهة الوفي، البرلمانية عن حزب العدالة والتنمية عضو لجنة الخارجية والمغاربة المقيمين بالخارج بمجلس النواب، على ضرورة توفر خلايا خاصة داخل السفارات المغربية للتواصل وتتبع الساحة السياسية، ومتابعة متواصلة مع كل الفرق البرلمانية". وأوردت الوفي، في تصريح لهسبريس، أنه يتعين أن يكون للسفارات المغربية برنامج عمل سنوي للتواصل مع محاوريها من الفرق البرلمانية، قصد نسج علاقات مستمرة، وتسويق رصيد المغرب من الإنجازات الحقوقية، بدل أن نفاجأ بشرذمة من الانفصاليين مرابطين بالأحزاب الأوروبية وهيئاتها الموازية". وتساءلت البرلمانية عن مدى إمكانية استثمار أقلام وازنة لمغاربة العالم في هذا الملف، و"التفكير في خلق لوبيّ إعلاميّ يعرف بحقيقة النزاع حول الصحراء بعيدا عن لغة الخشب"، مطالبة القنصليات والسفارات بتنظيم نقاشات عبر كفاءات مغاربة العالم بالأوساط السياسية والحقوقية حول دور المغرب المحوري على المستوى الأمني، وغير ذلك. المتحدثة لفتت إلى أن ما يصرف من ميزانيات ضخمة في العمل الدبلوماسي يجب أن يقابل بسؤال العائد والمكاسب المحققة"، مضيفة بالقول: "لا نحتاج أن يطل سفراؤنا علينا عبر الإعلام ليخبروا المغاربة باختراق البوليساريو لمؤسسة برلمانية، ويكتفون بالتنديد والاحتجاج". واستطردت النائبة المقيمة بالخارج: "نريد من السفراء المغاربة أن يصدوا شرذمة انفصاليين يعدون على رؤوس الأصابع، لكنهم تمكنوا من اختراق أقوى المؤسسات التشريعية بأوروبا، لكونهم يشتغلون وفق برنامج محدد، ويروجون مغالطات مفضوحة لنخبة شابة لا تعرف عن الصراع المغربي الجزائري شيئا"، وفق تعبيرها.