قال خبراء ومحللون اقتصاديون، إنه من المنتظر أن تواصل أسعار الذهب صعودها خلال العام الجاري 2016، مع استمرار حالة الاضطرابات الجيوسياسية، والمخاوف بشأن نمو الاقتصاد العالمي، التي تؤدي إلى زيادة الطلب العالمي على المعدن الأصفر. ويعتبر الذهب ملاذاً آمناً، ويتجه إليه المتعاملون رغم عدم تحقيقه فوائدة مالية، على عكس الاستثمار بالدولار الأمريكي. ويأتي صعود المعدن الأصفر، في أعقاب تراجع الدولار الأمريكي، وأسواق الأسهم العالمية، تزامناً مع هبوط أسعار النفط الخام. وتراجعت أسعار النفط الخام، بنسبة 70٪ للبرميل، منذ منتصف 2014، هبوطاً من 120 دولاراً، إلى أقل من 30 دولاراً، بسبب تخمة المعروض ومحدودية الطلب، ما دفع العديد من الدول المنتجة لتنفيد سياسات تقشفية وإجراءات تصحيحية في اقتصاداتها. يقول الخبير الاقتصادي وضاح ألطه (عراقي مقيم في الإمارات)، إن المتابع لأسعار الذهب مؤخراً، سيلاحظ عودته بقوة كملاذ آمن تقليدي للمستثمرين والحكومات، على حد السواء، مستفيداً من زيادة الطلب، نظراً لثبات قيمته خاصة في أوقات الأزمات والاضطرابات التي تؤثر في أداء الأسواق العالمية. وأضاف "ألطه"، أن زيادة أسعار المعدن النفيس خلال الأسابيع الماضية، ترجع إلى زيادة الطلب عليه مع وجود مخاوف وقلق من المستثمرين من تباطؤ النمو في الاقتصاد العالمي، وهبوط أسعار النفط، علاوة على تراجع سعر الدولار الأمريكي أمام العملات الأخرى. وتابع، أن ضعف البيانات الاقتصادية ستؤدي إلى خلق طلب إضافي على المعدن الأصفر، من جانب صناديق الاستثمار التي عادت للشراء، فيما ستزيد البنوك المركزية حول العالم كمية الاحتياط الموجود لديها، ضد تقلبات العملات وتغير الخريطة الاقتصادية بعد انهيار النفط. وأشار الخبير الاقتصادي، أنه من المتوقع، أن تشهد أسعار الذهب صعوداً تدريجياً، حتى نهاية العام الحالي. وخلال وقت سابق من الأسبوع الجاري، ارتفعت أسعار العقود الآجلة للذهب، إلى أعلى مستوى منذ 7 شهور ونصف الشهر، إلى 1201 دولار أمريكي، في حين سجل خلال وقت سابق من العام الجاري أدنى مستوى دون 1072 دولاراً. ويري رجب حامد، المدير العام لشركة سبائك الكويت لتجارة المعادن الثمينة (خاصة)، أن هناك ما بين 30% - 40% من الطلب على الذهب حالياً، تعتبر كملاذ آمن وليس كاستثمار، نتيجة المخاوف من الاضطرابات التي عصفت بأسواق الأسهم، ووصول سعر النفط إلى معدلات متدنية للغاية. وأضاف "حامد، أنه من المحتمل ألا يقدم مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأمريكي) على رفع الفائدة خلال شهر مارس القادم، لا سيما وأن الاقتصاد العالمي يشهد تباطؤاً في النمو، وهو ما يعتبر عاملاً إيجابياً أخر أمام الذهب، لمواصلة صعوده ويقلل أيضاً من التكلفة المحتملة للاحتفاظ به. كانت رئيسة مجلس الاحتياطي الاتحادي الامريكي جانيت يلين، رجحت، في أول شهادة لها في الكونجرس، منذ رفع أسعار الفائدة الامريكية في ديسمبر، أن تشهد السياسة النقدية تعديلات تدريجية، مؤكدة أن التأثيرات السلبية للاقتصاد العالمي قد تلحق ضرراً بنمو الاقتصاد الأمريكي. وأكد خبير المعادن الثمينة، إن استمرار الطلب المرتفع على المعدن النفيس من جانب الأسواق الآسيوية، خاصة في الهند والصين (المستهلكين الأول والثاني للذهب في العالم)، سيزيد من الأسعار على المستوى العالمي بشكل كبير، علاوة على قيام دول أخرى مثل تركيا وكازاخستان والعراق بزيادة حيازتها من الذهب شهرياً. ووفقاً لبيانات صندوق النقد الدولي، رفعت تركيا (تاسع أكبر دولة حائزة للذهب في العالم)، حيازاتها بواقع 5.7 طناً في ديسمبر الماضي، لتصل إلى 515.5 طناً، فيما زادت كازاخستان بواقع 3.1 طناً لتصل إلى 221.8 طن. وأظهرت بيانات الصندوق، أن أوروبا رفعت مستوى حيازاتها من الذهب، في نوفمبر الماضي، بواقع 33.7 ألف طناً، إلى 2516 طن، فيما زادت حيازات العالم بأكمله من الذهب بواقع 37.1 ألف طن لتصل إلى 32.740 ألف طن. وحول المستويات السعرية التي سيشهدها المعدن الأصفر هذا العام، قال المدير العام لشركة "سبائك الكويت"، إنه من المحتمل نمو أسعار أونصة الذهب في السوق العالمية بنسبة نمو فوق 20%، عما كانت عليه إغلاقات 2015 ما سيؤدي إلى بلوغ متوسط سعر الأونصة 1250 دولاراً في 2016. وهوت أسعار الذهب بنسبة 10٪ خلال العام الماضي 2015، لأسباب مرتبطة بتكهنات أسواق المال، برفع الفائدة الأمريكية لأول مرة منذ عام 2006، وهو ما حصل فعلاً نهاية العام المنصرم. وبدوره قال جورانج ديساي، الرئيس التنفيذي لبورصة دبي للذهب والسلع (حكومية)، إنه في الوقت الحالي، الذي يشهد العالم فيه حالة من عدم التيقن الاقتصادي، وتقلبات الأسواق العالمية، يتجه المستثمرون نحو الملاذات الأمنة وعلى رأسها الذهب، خاصة في أوقات تقلبات أسواق الأسهم والعملات. * وكالة أنباء الأناضول