ترتبط فكرة إرهاب الانترنت بالتطورات التي حدثت في مجال المعلومات وما أثارته من خصائص ومقومات تتعرض لها المجتمعات الحديثة والدمار الذي قد يلحقه الهجوم الإرهابي بمنظومة المعلومات التي تتحكم في حياة هذه المجتمعات التي تعتمد على الكمبيوتر والانترنت ، حيث عن طريق هذه التقنيات تقوم الجماعات الإرهابية بتجنيد أعضائها وتعريفهم بمبادئها وتزويدهم بوسائل الاتصال وتدريبهم على التواصل ورفع الروح المعنوية لهم . وهذا التطور الذي عرفته تكنولوجيا الاتصالات قد قلصت من تأثير المسافة لانتقال الأفكار والمعلومات ومنها الهواتف النقالة، التي يمكن الاستفادة من خدمتها دون حدود الزمان أو المكان لكونها تمتاز بعدم ارتباط الاستفادة منها بموقع معين ، مما أتاح التواصل بين الأفراد بسهولة كبيرة عبر العالم دون الالتقاء فيما بينهم . كما أن الانترنت يساعد على تدفق المعلومات و يوفر منبرا للدعاية والتأثير على الشباب نتيجة لسوء الاستخدام ، حيث إن عددا كبير ا منهم يقضون ساعات طويلة في مشاهدة المواقع الالكترونية المتنوعة، يجعلهم يتعرفون على أصدقاء لا يعرفون أشخاصهم ولا صورهم الحقيقية ، مما يجعلهم عرضة الاستقطاب والانخراط في جماعات إرهابية. وتعتبر مواقع التواصل الاجتماعي من بين أهم الوسائل التي تستخدمها التنظيمات الإرهابية لاستقطاب الشباب وتحريضهم على الإرهاب،فنذكر على سبيل المثال إدارة موقع تويتر التي تزيل أسبوعيا 2000 حساب يشتبه أن له صلة بتنظيمات إرهابية، بحسب صحيفة نيويورك تايمز. وتركز هذه الجماعات الإرهابية على تأجيج العواطف وتهييج مشاعر الشباب بالتركيز على الخطاب الحماسي المؤثر و نشر الدعايات الإرهابية و توظيف الأحداث الدولية والمظالم التي تقع على المسلمين في بعض الدول كأفغانسان وسوريا والعراق، عبر الفيديوهات والخطابات، من أجل تشجيعهم على الانضمام إلى القتال والجهاد في أرض المسلمين. ومما يسهل عملية استقطاب الشباب من طرف الجماعات المتطرفة والإرهابية هي أوقات الفراغ والتي قد تساعدهم على الدخول في عالم الجريمة ، خصوصا إذا لم يوفر لهم التوجيه أثناء فراغهم . فالشباب الذي لا يجد القدوة الحسنة ويفتقد للقيم الروحية سوف يشعر بمختلف أنواع الصراع والقلق الذي يؤدي إلى كثير من الانحرافات ، ومنها التطرف المؤدي إلى ارتكاب أعمال إرهابية. و من أجل مواجهة التنظيمات الإرهابية ، فإن التحدي الأكبر يتجلى في كيفية إصلاح الخطاب التعليمي والديني والإعلامي، الذي يحرض على الكراهية، لأن الانتصار على الإرهاب هي معركة من أجل كسب عقول الشباب وعدم سقوطهم في أحضان هذه التنظيمات، حيث إن الفكر المتطرف يسعى إلى اجتذاب هؤلاء عن طريق وسائل الاتصال الحديثة. وفي هذا الخصوص ، فإن المدرسة تلعب دورا أساسيا في توجيه الناشئة من خلال إشباع حاجات الفرد النفسية والاجتماعية تتفق مع ميوله كما تتفق مع مطالب العصر وقيم الحداثة، وأن تكثر المدرسة من الأنشطة الحرة والفنية والرياضية و تنظيم الرحلات وتنويع المقررات الدراسية الهادفة ، مع التركيز على بعض المواد التي تساهم في تكوين الشخصية المتزنة للفرد وتشبعه بثقافة التسامح. كما أن الأسرة تقع عليها المسئولية في إعداد الشباب، وعليها أن تهتم بغرس القيم الدينية والخلقية والوطنية السليمة مع الاعتدال في طرق تربية الأبناء ، فلا إفراط في القسوة والشدة والحرمان ولا تفريط في الالتزام ، وإنما الاعتدال والتربية على الديمقراطية والحوار واحترام الآخر تقديس الحق في الحياة. *مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية