لم يكن عبد الرحمان المكراوي، البالغ من العمر 23 سنة، والقاطن بجمعة اسحيم بإقليمآسفي، يعتقد أن تصوير ونشر شريط على موقع "فيسبوك" سيجرّه إلى المتابعة القضائية والاعتقال بتهمة سب وقذف رئيس جماعة قروية، وذلك على خلفية عملية تعبيد طريق، بدت من خلال الشريط في حالة مزرية. عبد الرحيم المكراوي، والد الشاب عبد الرحمان، وفي تصريح لهسبريس، أوضح أن ابنه الذي يمارس التجارة في عدد من المدن صوّر شريطا يفضح حالة طريق لم يمر على تهيئتها وكسائها بالإسفلت إلا شهر واحد، قبل أن ينتشر الشريط على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، ليقدم رئيس جماعة جمعة اسحيم على رفع دعوى قضائية ضده. وأضاف الأب أن ابنه سافر بعد نشر الشريط إلى مدينة العيون لمزاولة تجارته، ونظرا لكثرة الاستدعاءات التي توصلت بها الأسرة من طرف مصالح الدرك الملكي، طلب منه العودة إلى الدّيار، والالتحاق بمركز الدرك لتحرير محضر حول القضية، تفاديا لإصدار مذكرة بحث في حقه. "عاد ابني إلى جمعة اسحيم، وذهب بمحض إرادته إلى مركز الدرك الملكي، حيث جرى الاستماع إليه في محضر رسمي، ليطالب بضرورة تسريع المسطرة، وإحالة ملفه على وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية في أقرب وقت ممكن، حتى يتفرغ لمزاولة تجارته"، وفق تعبير الأب. والد عبد الرحمان أكّد، في التصريح ذاته، أن تنقل ابنه عبر الحافلة إلى المحكمة الابتدائية بآسفي، من أجل الاطلاع على تفاصيل ملفه، انتهى بوضعِه، يوم الثلاثاء الماضي، تحت تدابير الاعتقال الاحتياطي، في أفق عقد جلسةٍ بالمحكمة ذاتها يوم الأربعاء المقبل، مشيرا إلى أنه لم ينتدب أي محام للدفاع عن ابنه، نتيجة دخول هيئات حقوقية على الخط، وتكلّفها بهذا الإجراء. وحاول المكراوي إيجاد طريقة ودية لحل القضية، إذ عمل على زيارة رئيس الجماعة القروية، مناشدا إياه إعمال العقل والصفح عن الابن المعتقل والتنازل عن متابعته قضائيا، غير أن المعني بالأمر أكّد أنه لن يتراجع أو يتنازل عن القضية، فكان ردّ الأب: "دير جهدك، وحنا لينا الله". وبنبرة تغلب عليها الحسرة والاستياء مما تعيشه الأسرة عموما وابنه بشكل خاص، أشار عبد الرحيم إلى أنه لا يلتمس سوى إطلاق سراح ابنه الذي لم يكن يعتقد أن تسجيل شريط لفضح حالة طريق ستعقبه مشاكل من هذا النوع، خاتما تصريحه لهسبريس بالقول: "حتى واحد ما بقى باغي الحق، واللي عطا الله هو هذا". وأعلن المركز المغربي لحقوق الإنسان، من خلال فرعه بآسفي، تضامنه اللامشروط مع من وصفه ب"معتقل الرأي". وتشبث المركز بإطلاق سراح عبد الرحمان المكراوي، معتبرا محاكمته "محاكمة للرأي، وتضييقا على الحريات الفردية والجماعية، ومسّا خطيرا بمكتسبات الشعب المغربي التي يضمنها دستور 2011". وطالب المركز ذاته كل الأصوات والأقلام الحرة بالتضامن مع الشاب المعتقل، مع ضرورة تحرّك كل شرفاء المدينة، من جمعيات حقوقية ونقابات وهيئات، من أجل خلق لجنة لدعم ومساندة عائلة المعتقل، داعيا الجالية المسفيوية بالخارج إلى تنظيم وقفات تضامنية مع المعتقل أمام سفارات المغرب أينما وجدت. وكان شريط فيديو قد تم تداوله على نطاق واسع بمواقع التواصل الاجتماعي، يظهر من خلاله الشاب عبد الرحمان المكراوي، وهو جالس على رصيف بالجماعة، ويقوم بتقطيع الإسفلت متهكما على جودة الأشغال، ومتهما رئيس الجماعة بالغش ومحاولة الكسب غير المشروع، وواصفا إياه بعبارات اعتبرها المشتكي سبا وقذفا تستوجب المتابعة القضائية. توقيف عبد الرحمان لم يمر مرور الكرام، حيث انطلقت منذ وضعه رهن تدابير الاعتقال الاحتياطي، حملات على مواقع التواصل الاجتماعي مطالبة بإطلاق سراحه على الفور وفتح تحقيق جدي في الغش الذي طال تزفيت طريق جماعة جمعة سحيم التابعة ترابيا لعمالة إقليم اسفي، عوض متابعة "فاضح الفساد".