اعتبر الكاتب والمؤرخ المغربي، حسن أوريد، لدى استضافته في برنامج بثته قناة "فرانس 24" الفرنسية، على هامش صدور كتابه الجديد "الإسلاموية في الطريق المسدود – حالة المغرب"، أن الدين انسحب من السياسة في العالم العربي، في خضم ما بعد ثورات ما سمي بالربيع العربي. ولاحظ أوريد أن الأحزاب الإسلامية تغير تعاملها لما صارت في السلطة عما كانت عليه وهي في صفوف المعارضة، حيث كان الخطاب الإسلامي وقت المعارضة مبنيا على النزعة الأخلاقية، بخلاف حالها عندما شاركت في الحكم، مبرزا خروج الدين من الشأن العام. وأورد أوريد أن "حزب العدالة والتنمية المغربي، على سبيل المثال، كان أيام المعارضة يعتبر نفسه حزبا إسلاميا، لكنه بدأ يعتبر نفسه حاليا عندما ترأس الحكومة في سياق الحراك المغربي، وما تلاه من تدابير وإصلاحات دستورية، ذا مرجعية إسلامية، معتبرا أن "هناك فرق كبير بين الصفتين. وللدلالة على الفروقات بين الخطاب السياسي في وقت المعارضة، وبين الواقع الممارس على الأرض في سياق تدبير الشأن العام، ضرب الباحث المغربي مثالا بقرار منع المشروبات الكحولية الذي لم تصدره الحكومة رغم ترأسها من طرف حزب العدالة والتنمية". وأكمل أوريد بأن الطريف والمثير في مسار حزب العدالة والتنمية، أن خطابه السياسي تغير عقب الانتخابات المحلية والجماعية في شتنبر الماضي، حيث بات يعتبر نفسه حزبا حداثيا، ويقدم نفسه على أنه يحمي الحداثة، بينما كان فيما قبل يعتبر نفسه معاديا لما هو حداثي". ولفت المتحدث إلى أن من صوتوا لفائدة حزب العدالة والتنمية لم يتبنوا مشروع "المصباح"، بل تبنوا الخيار الديمقراطي، مشيرا إلى أن أغلب السكان الذين يعيشون في المدن يصوتون على برامج وأحزاب، وليس على أشخاص بعينهم، مثل ما يفعله سكان القرى. وبعد أن أشار أوريد إلى أن الذي تغير ليس المشهد السياسي في المغرب، بل العامل الاجتماعي والشرط الديمغرافي، أبرز أن حزب العدالة والتنمية بحصوله على نتائج جيدة في الانتخابات الجماعية والجهوية قبل أشهر يدل على أنه لم يتأثر كثيرا بولوجه الحكومة وتدبيره للشأن العام. وتطرق الحوار مع أوريد إلى الحديث عن جماعة العدل والإحسان داخل المشهد السياسي بالبلاد، وقال إن الجماعة لا تريد تحديث الإسلام، بل تسعى إلى أسلمة الحداثة، وفق تعبيره، قبل أن يخلص إلى أن عددا من المؤشرات الراهنة تذهب على أن الدين انسحب من السياسة لدى الإسلاميين".