بعد ساعات قليلة من صدور تقرير عن منظمة "ترانسبارانسي" الدولية، جاء فيه أن المغرب تراجع في مؤشر محاربة الرشوة بثماني درجات، بعدما تقدم بإحدى عشرة درجة خلال سنة 2014، اعترف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلف بالوظيفة العمومية وتحديث الإدارة، محمد مبديع، بفشل الحكومة في محاربة الفساد. اعتراف مبديع جاء خلال عرض ألقاه مساء اليوم الأربعاء بالرباط، وقدم فيه الخطوط العريضة للإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، التي أعدتها الحكومة، وتهم الفترة ما بين 2015 و2025، إذ قال إن مجموع الإجراءات التي اتخذتها الحكومة لمحاربة الفساد لم تُفض إلى بلوغ النتائج المرجوة. ويبدو أنّ التقرير الجديد ل"ترانسبارانسي"، الذي تراجع فيه المغرب من الرتبة 80، حيث كان مصنفا في السنة الماضية، إلى الرتبة 88، من بين 168 دولة، نزل كقطعة ثلج باردة على الحكومة، إذ قال الوزير مبديع إن الترتيب الجديد للمغرب "يؤكد ملحاحية واستعجالية تنزيل الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد". علاقة بذلك، قال عبد السلام أبودرار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، إن المغرب يراوح مكانه في سلم محاربة الفساد منذ سنوات، ويتسم ترتيبه بالتقدم والتراجع بدرجات متقاربة، مؤكدا أنه يتحتم عليه الانخراط في محاربة الفساد، التزاما بالاتفاقيات الدولية التي صادق عليها، وعلى رأسها اتفاقية الأممالمتحدة لمحاربة الفساد. وكشف الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة، محمد مبديع، خلال عرضه، أن قطاعات الصحة، والأمن، والدرك، والعدل، والجماعات الترابية، هي القطاعات الأكثر تعرّضا للفساد، مشيرا إلى أنّ محاربة آفة الفساد تستدعي تضافر جهود الجميع، "جامعات ومجتمعا ومسجدا وأسرة..."، حسب تعبيره. وفي الوقت الذي اعتبر مبديع أن الإستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد تهدف إلى تحقيق هدفين رئيسيين، هما تعزيز ثقة المواطنين في المؤسسات الوطنية، وتحسين تموقع المغرب لدى المؤسسات الدولية، قال عبد السلام أبودرار إن على المغرب أن يبادر إلى مكافحة الفساد بقوة، قائلا: "خاصنا نديرو يدّينا فالعصيدة ونحاربو الفساد بدل انتظار الفرج". واستدل رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة بأمثلة عن دول تمكنت من مكافحة الفساد في سنوات قليلة، مثل إسبانيا، ليؤكد أن "نجاح الآخرين في محاربة الفساد لا يترك أي مبرر للمغرب ليفشل في محاربته"، بينما أشار مبديع إلى دول إِفريقية كانت غارقة في الفساد قبل سنوات قليلة فقط، مثل رواندا وبوتسوانا، وتمكنت من التقدم في مسار محاربته، قائلا: "هذه الدول صارت نموذجا". ويبدو أن بعض الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في إطار مكافحة الفساد ليس عليها إجماع، إذ عبّر مبديع عن عدم رضاه عمّا تحقق من قانون التصريح بالممتلكات، داعيا إلى حصر التصريح بالممتلكات في المسؤولين الذين لهم مسؤولية في اتخاذ القرار، من أجل أن يؤتي ثماره، معتبرا أن محاربة الفساد في المغرب باتت مطلبا اجتماعيا.