نظرة سوداوية تلك التي حملها "التقرير العالمي 2016" لمنظمة "هيومان رايتس ووتش" عن الوضع الحقوقي وحرية التعبير في المغرب خلال العام الماضي، إذ سجل مجموعة من التراجعات في هذا المجال قائلا: "إن التسامح مع الأصوات المعارضة في المغرب قد تضاءل خلال 2015". في هذا الإطار، قالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "ربما لم يشهد المغرب اضطرابات وسفك دماء كما هو الحال في عدة دول أخرى في الشرق الأوسط، ولكنه أيضا ليس نموذجا للإصلاح كما يدعي". التقرير العالمي الصادر في 659 صفحة، والذي تستعرض من خلاله "هيومن رايتس ووتش" ممارسات حقوق الإنسان في أكثر من 90 دولة، رصد مجموعة من الاختلالات في مجال الحريات وحقوق الإنسان في المغرب العام الماضي، وجاء فيه: "واصلت وسائل الإعلام المستقلة المطبوعة والإلكترونية إجراء تحقيقات وانتقاد المسؤولين والسياسات الحكومية، لكنها واجهت متابعات ومضايقات كلما انتقدت الملك أو مستشاريه". ومن بين الانتقادات الموجهة للسلطات المغربية ضمن التقرير هناك أيضا "مواصلة المسؤولين منع أو عرقلة العديد من الجمعيات من الحصول على التسجيل القانوني بشكل تعسفي، على الرغم من أن دستور 2011 يكفل حرية تكوين الجمعيات"، مشيرا إلى أن من بينها هناك العشرات من الجمعيات الخيرية والثقافية والتربوية التي تضم في قيادتها أعضاء من "جماعة العدل والإحسان". التقرير أورد أيضا أن السلطات منعت عشرات الأنشطة التي أعدتها جمعيات حقوقية معترف بها قانونا، لاسيما "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" وفروعها، ناهيك عن ما أسماه "فشل" المحاكم في احترام الحق في المحاكمة العادلة في قضايا سياسية وأمنية، مع مواصلة السلطات سجن مئات الإسلاميين المتهمين بالعنف الذين اعتقلوا في أعقاب تفجيرات الدارالبيضاء في ماي 2003. المصدر نفسه أشار إلى أن مغربيين، على الأقل، أمضيا السنة في السجن بسبب "التنديد بمزاعم تعذيب كاذبة"، بينما يواصل العديد قضاء أحكاما بالسجن لمدد طويلة بعد محاكمات وصفها التقرير ب "الجائرة لجرائم ذات دوافع سياسية". وعلى الرغم من النظرة "السوداء" التي حملها التقرير عن الوضع الحقوقي في المغرب، إلى أنه رصد نقاطا أخرى إيجابية؛ لعل أبرزها مناقشة الحكومة والبرلمان لعدة مشاريع قوانين لها تداعيات كبيرة على حقوق الإنسان، منها قوانين تتعلق بعاملات المنازل، والعنف المنزلي، واللجوء، وحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وقانون الصحافة، والقانون الجنائي الجديدين، معتبرا أنه خلال العام الحالي سيكون للتشريعات الجديدة "تأثير كبير على وضع حقوق الإنسان، وسيعتمد ذلك على تحويل حماية الحقوق إلى نصوص قانونية وإلغاء أو تعديل الأحكام التي تقوض الحقوق. ومن بين النقاط الإيجابية الأخرى التي رصدها التقرير هناك الاعتراف القانوني، للمرة الأولى، بجمعية صحراوية لحقوق الإنسان تنتقد الحكم المغربي بشدة، ومنح إقامة قانونية مؤقتة للأجانب الذين حددتهم "المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين" كلاجئين، إضافة إلى دخول قانون جديد يُنهي المحاكمات العسكرية للمدنيين حيز التنفيذ، "على الرغم من أنه لا يُفيد السجناء المدانين سابقا من قبل محاكم عسكرية". المصدر نفسه أشاد بالحد من القوانين التي تجرم الأفعال التي تُعتبر مسا بالملك أو الملكية أو الإسلام أو الوحدة الترابية. وتساءلت "HRW"، في الأخير، عما إذا كان المغرب ينوي الإبقاء على الحظر الذي فرضه على زياراتها وعلى زيارات "AMNESTY" في عام 2015، أو سيستأنف سياسة الانفتاح العام تجاه منظمات حقوق الإنسان الدولية خلال السنة الحالية.