اتفقت المؤسسات المالية الدولية على رسم توقعات النمو الاقتصادي المغربي ب"ريشة" متشائمة، وذلك بعد أسبوع فقط من انطلاق العام الحالي، إذ أكدت العديد من هذه المؤسسات، وفي مقدمتها البنك الدولي، أن العام الحالي سيكون "عاما عصيبا" على المملكة من الناحية الاقتصادية، مخفضة توقعات النمو إلى 2.7 بالمائة بالنسبة إلى سنة 2016، وهي توقعات أقل من تلك التي وضعتها الحكومة في قانون مالية العام الحالي. البنك الدولي الذي كان يتوقع أن يحقق المغرب خلال العام الحالي نسبة نمو تفوق 4 بالمائة، عاد مع بداية العام ليعدل توقعاته إلى 2.7 بالمائة. وبررت المؤسسة الدولية هذا التخفيض بتراجع القيمة المضافة للقطاع الفلاحي، بسبب تأخر الأمطار. في المقابل أكد خبراء المؤسسة المالية أن المملكة ستستفيد للسنة الثانية على التوالي من تراجع أسعار النفط، الأمر الذي سيخفض من عجز الميزانية. كما ستكون السنة الحالية "جيدة" بالنسبة إلى الصادرات المغربية، بعد مؤشرات التعافي في الاتحاد الأوروبي. وواصل البنك تقديم تقديراته للنمو خلال العام الحالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، مشيرا إلى أن تنبؤاته تفيد بانتعاش اقتصاد الدول المصدرة للنفط، بناء على أن أسعاره ستستقر. بيد أن هذا لم يمنع من التحذير من حدة الصراعات التي تعصف بالمنطقة، بالإضافة إلى استمرار تراجع أسعار النفط، "والفشل في تحسين الظروف المعيشية؛ الأمر الذي قد يثير اضطرابات اجتماعية"، حسب تعبير خبراء البنك الدولي. ومن حيث انتهى تحذير البنك الدولي حول الاضطرابات الاجتماعية بسبب عدم تحسين ظروف المعيشة، انطلق تحليل خبراء المؤسسة الفرنسية للتأمينات "أولير هيرمس"، المنشور في الجريدة الفرنسية "Usine nouvelle"، الذي شدد على أن إجراءات حكومة بنكيران ركزت على التوازنات الماكرو اقتصادية على حساب القدرة الشرائية للمواطنين. ونقلت الجريدة الفرنسية عن لودوفيك سوبران، كبير الخبراء الاقتصاديين في المؤسسة الفرنسية، قوله إن العام الحالي سيكون "صعبا"؛ وذلك بسبب ارتفاع عدد الشركات المعلنة عن إفلاسها إلى درجة "خطيرة"، وفق تعبير الاقتصادي الفرنسي، مضيفا أن "الهم الكبير لدى حكومة بنكيران كان ولازال هو الحفاظ على التوازنات الكبرى للاقتصاد. وعملية رفع الدعم وتقليص نفقات المقاصة لم ترافقها سياسة حقيقية لدعم القدرة الشرائية للمواطنين؛ وهو ما جعل تقليص الدعم العمومي يكون له تأثير محدود على إعادة الروح للنمو الاقتصادي". وعاب المتحدث ذاته على الحكومة المغربية أنها "لم تتفاعل بشكل جيد مع مؤشرات تراجع القدرة الشرائية للمواطنين"، مشيرا إلى أنه "لم يعد هناك متسع من الوقت أمام المغرب حتى يحقق إقلاعا اقتصاديا حقيقيا". وباللغة المتشائمة نفسها جاءت النشرة الأخيرة لصندوق النقد الدولي، والتي جاءت عبارة عن حوار مع موري أوبتسفلد، المستشار الاقتصادي ومدير البحوث بالصندوق، الذي شدد على أن "العام الحالي سيعرف "سيلا من التحديات"، خصوصا بالنسبة إلى الدول الصاعدة، "ذلك أن تباطؤ اقتصاد الصين وتحولها من الاستثمار والتصنيع إلى الاستهلاك والخدمات سيؤدي إلى انخفاض الطلب على السلع الأولية". وعن الاتحاد الأوروبي، الذي يشكل الشريك الاقتصادي والتجاري للمغرب، أكد صندوق النقد أنه سيواجه مشكل ارتفاع عدد اللاجئين، ما "سيمثل تحديا أمام الطاقة الاستيعابية لاقتصاد دوله وأسواق العمل".