خصصت الصحف الجزائرية ، الصادرة اليوم الأربعاء ، مساحة واسعة لمشروع مراجعة الدستور، فيما تناولت الصحف التونسية مستجدات الملف الاجتماعي. ففي الجزائر، طغى على اهتمامات الصحف الوثيقة التمهيدية لمشروع مراجعة الدستور التي كشفت عن خطوطها العريضة رئاسة الجمهورية أمس، مقدمة قراءات مختلفة منها قراءة صحيفة (الخبر) التي ركزت على الجانب المتعلق بالعهدات الرئاسية. وقالت الصحيفة إن وثيقة مشروع الدستور الجديد تمنع الرئيس القادم أو الذي يأتي بعده من الترشح لعهدة رئاسية ثالثة، من خلال دسترة التقييد بفترة رئاسية واحدة قابلة للتجديد مرة واحدة، ثم إدراج "المنع" ضمن المادة 178 التي تحظر المساس بسبعة محاور، في أي تعديل لاحق للدستور، وقد أضيف للمحظورات السبع، محظور ثامن يمنع فتح العهدات الرئاسية مدى الحياة. وتابعت أن ذلك معناه أن الرئيس القادم للجزائر لا يمكنه المساس بالمادة التي تقيد العهدات الرئاسية في فترتين فقط، ولا يمكنه تعديلها بعدما ألحقت كثابت من الثوابت السبعة التي نص عليها دستور الرئيس السابق اليامين زروال، وأضيف لها مسألة منع المساس بالمادة 74 التي تنص على أن "مدة المهمة الرئاسية خمس سنوات ويمكن تجديد انتخاب رئيس الجمهورية مرة واحدة"، مسجلة في هذا الصدد أن الجزائريين "وضعوا بين خيارين ديمقراطيين، مرادفين لبعضهما البعض، لكنهما في الجزائر متباعدان، كتباعد المواقف بين الرئيس بوتفليقة وسابقه اليامين زروال. والخياران هما إما إحلال الديمقراطية من خلال التداول على السلطة، وهو ما كرسه اليامين زروال في دستوره لعام 96 لما أقفل على العهدتين الرئاسيتين، وإما ترك المجال لحرية اختيار الشعب". وتوقفت صحيفة (الشروق) عند ردود فعل الطبقة السياسية من هذا المشروع، مفيدة بأنها متباينة بين مؤيد ومنتقد له، انطلاقا مما تضمنته وثيقة المشروع من تعديلات ومقترحات ينتظر أن يحسم فيها البرلمان بغرفتيه في الأيام المقبلة. وقالت إن الأحزاب السياسية، بما فيها أطياف المعارضة والموالاة، "تلقفت" النص التمهيدي، بين الترحيب لما وفرته السلطة من هوامش حرية التعبير، وأنه "مخيب للآمال ومجرد وهم تسوقه السلطة"، على حد وصف المعارضة. وتحت عنوان "أحزاب السلطة تستنفر نوابها تحسبا لتمرير الدستور الجديد في هدوء"، أوردت صحيفة (الفجر) أن هذه الأحزاب استنفرت نوابها بالبرلمان لإنجاح مشروع تعديل الدستور، الذي تقرر تمريره عبر الهيئة التشريعية، حيث ستجتمع بقواعدها نهاية الأسبوع الجاري، بعد الكشف عن مسودة أسمى وثيقة في الدولة. وحسب الصحيفة، فإنه لا يستبعد أن تشكل أحزاب الموالاة (في مقدمتها جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي) ائتلافا مشتركا لتنسيق أعمالها خلال الأيام المقبلة حول طريقة إنجاح المشروع الذي تعول عليه هذه الأحزاب للحفاظ على مواقعها في المشهد السياسي الجديد، معتبرة أن المعارضة التي تشكل ما يقارب 100 نائب من مختلف التيارات، "ستجد صعوبة في الاعتراض على تمرير الدستور"، خصوصا وأن النسخة المطروحة أمام الشخصيات المستقلة والأحزاب المشاركة في المشاورات لن تكون إلا للاطلاع ولا مجال فيها للتشاور". وفي تونس، اهتمت الصحف بمستجدات الملف الاجتماعي في سياق أزمة مفاوضات وسياسة الشد والجذب بين المركزية النقابية ومنظمة الأعراف (الباطرونا)، فضلا عن تطورات المشهد السياسي. وفي هذا الإطار، أشارت صحيفة (الشروق) إلى أنه من المنتظر أن يكون حسين العباسي، الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، ووداد بوشماوي، رئيسة منظمة الأعراف، قد التقيا مساء أمس للاتفاق بخصوص التفاصيل النهائية لاتفاق الزيادة في أجور القطاع الخاص، مضيفة أن الاتفاق يقضي بزيادة بنسبة 6 في المائة إضافة إلى زيادة ب10 دنانير (نحو خمسين درهما) في منحة النقل و3 دنانير في منحة الحضور. وفي المقابل، نقلت صحيفة (الصباح) عن عضو المكتب التنفيذي لمنظمة الأعراف، بشير بوجدي، نفيه لحدوث أي اتفاق ذي صلة، مؤكدا وجود تواصل على عدة مستويات بين الأعراف والمركزية النقابية من أجل "إذابة الجليد، وأن هناك مساع حثيثة يتم بذلها لإنهاء الأزمة" قبل إضراب 21 يناير الجاري، الذي "لن يحل الإشكال بل سيزيد في تعميق الأزمة"، وفق القيادي المذكور. وفي ما يتعلق بالزيادة في أجور القطاع العام، نقلت صحيفة (الصباح) عن مصدر من رئاسة الحكومة قوله أن صرف الزيادات في الأجور بالقطاع العام سيتم فعليا ابتداء من شهر يناير الجاري، "خلافا لما تم تداوله في عدد من وسائل الإعلام من أنه سيتم إرجاؤه إلى شهر فبراير لأسباب تقنية". وأوضحت جريدة (الصحافة) أن قيمة الزيادة في القطاع العام تتراوح ما بين 50 و60 دينارا، حسب الأصناف مع تمتعهم بزيادة في المنح الخصوصية بقيمة تتراوح ما بين 35 و50 دينارا حسب الأصناف. وفي سياق متصل، وتحت عنوان "تأخر الإصلاحات والرفع القياسي في الأجور أثرا سلبا في علاقات تونس مع صندوق النقد الدولي"، نقلت صحيفة (الضمير) عن محافظ البنك المركزي، الشاذلي العياري، قوله خلال جلسة بالبرلمان، أن تونس كانت خلال السنتين الماضيتين "على شفا قطع العلاقات" مع صندوق النقد الدولي، حيث وصلت إلى حد لا يمكنها اقتراض أي "فلس" أمام مطالبة الصندوق بإنجاز جملة من الإصلاحات التي تأخر القيام بها. وعلى المستوى السياسي، واصلت الصحف تناولها للأزمة داخل الحزب الحاكم (نداء تونس) والاستعدادات الجارية لعقد المؤتمر التأسيسي للنداء (شق حافظ قائد السبسي)، تزامنا مع عقد شق محسن مرزوق، الأمين العام المستقيل، للقاء وطني من أجل الحسم في مستقبل هذا التيار. وفي هذا السياق، عنونت صحيفة (الشروق) صفحتها السياسية ب"سنة جديدة بمشهد سياسي قديم"، في حين كتبت جريدة (الصحافة) أن "تدني الثقة في الأحزاب السياسية بغالبية التونسيين (حسب استطلاع للرأي بشأن الوضع السياسي أنجزه معهد "امرود كونسيلتينغ" خلال شهر دجنبر 2015 ) قاد إلى الرهان على مؤسسات الدولة وأجهزتها لإنقاذ البلاد من الأزمة التي تعصف بأوضاعها العامة منذ خمس سنوات من جهة، ولحماية التجربة الديمقراطية الناشئة من أي انتكاسة محتملة من جهة أخرى".