لم يفلح التصعيد النقابي الرافض لإصلاح أنظمة التقاعد في ثني الحكومة عن تمرير مشروعها، بعد أن أكد وزير الاقتصاد والمالية، محمد بوسعيد، أن خطة الحكومة لإصلاح التقاعد ستكون على طاولة مجلس الحكومة الذي سينعقد يوم الخميس المقبل للمصادقة عليها وتمريرها إلى البرلمان، "وذلك بعد أن استنفد هذا الموضوع جميع طرق النقاش والتفكير"، حسب تصريحه في ندوة نظمتها وكالة المغرب العربي للأنباء لمناقشة قانون مالية 2016. وأكد بوسعيد أن "إصلاح التقاعد بات واقعا، ولا يمكن تضييع وقت آخر، لأن كل تأخير يكلف ميزانية الدولة الملايير"، قبل أن يقدم أرقاما حول العجز الذي يعاني منه الصندوق المغربي للتقاعد، والذي سيصل خلال العام الحالي إلى أكثر من 6 مليارات درهم. وبمصادقتها على مشروع إصلاح أنظمة التقاعد ستلقي الحكومة بكرة من نار في البرلمان من أجل مصادقته على مشروع أسال الكثير من المداد، ورافق جداله الحكومة منذ تعيينها قبل حوالي أربع سنوات؛ وذلك بخلاف التوقعات التي كانت تقول إن الحكومة ستتجنب إقرار إصلاح صناديق التقاعد خلال العام الحالي، لكونه عاما انتخابيا، إذ سيكون له تأثير على شعبية الأحزاب المشاركة في الائتلاف الحكومي، وفي مقدمتها حزب العدالة والتنمية. وشدد بوسعيد على أن إصلاح أنظمة التقاعد سيهم موظفي الدولة الذين يساهمون في الصندوق المغربي للتقاعد، والبالغ عددهم 800 ألف موظف. وفي المقابل ستقوم الحكومة بالرفع من الحد الأدنى للتقاعد من 1000 درهم إلى 1500 درهم؛ وسيستفيد من ذلك أكثر من 60 ألف شخص كانوا يتقاضون 1000 درهم كتقاعد، بالإضافة إلى استفادة 45 ألفا من الأرامل من صندوق دعم الأرامل. ملف آخر أثار الكثير من الجدل واقترب من نهايته، وهو رفع الدعم عن السكر، إذ أكد بوسعيد ابتداء العد العكسي لرفع الدعم عن هذه المادة، في إطار تقليص نفقات صندوق المقاصة. وبرر الوزير هذا القرار بأن أكبر من يستهلك السكر هي الشركات، وبالتالي لا يمكن تقديم الدعم العمومي لها؛ "لذلك نقول دائما إن صندوق المقاصة منظومة غير عادلة"، يضيف بوسعيد. وقدم بوسعيد خطة الحكومة لصرف أكثر من 2 مليار درهم كانت تنفق على دعم السكر، إذ سيتم تحويلها إلى البرامج الاجتماعية، بحيث يتم توجيه 50 في المائة إلى شراء التجهيزات الطبية للمستشفيات العمومية، أما النصف الآخر فسيوجه إلى صندوق التكافل الاجتماعي. وقدم الوزير خلال الندوة نفسها أرقاما عن تطور الأداء الاقتصادي للمغرب منذ انطلاق اشتغال حكومة بنكيران، إذ انتقل عجز الميزانية من 7.2 بالمائة خلال سنة 2012 إلى 3.5 بالمائة خلال 2015؛ كما تراجع العجز في الميزان التجاري من 9.5 بالمائة سنة 2012 إلى 1.5 بالمائة. واعتبر بوسعيد أن عجز الميزانية هو "مرض يمكن التعايش معه"، أما "المرض الخطير" وفق تعبيره فهو تراجع احتياطي الدولة من العملة الصعبة، "ولحسن الحظ فإن احتياطي المغرب من العملة الصعبة ارتفع من 4 أشهر أو أقل في سنة 2012 إلى 7 أشهر خلال العام الحالي"، يقول الوزير. ولم يبد وزير الاقتصاد والمالية انزعاجه من اختلاف نسبة النمو المتوقعة خلال العام الحالي، إذ تتوقع المندوبية السامية للتخطيط أن يحقق المغرب نسبة أقل من 3 بالمائة، وهي التوقعات نفسها التي أعلنها بنك المغرب؛ بينما تتوقع الحكومة نسبة نمو في حدود 3 بالمائة، "وهذا راجع إلى الاختلاف في نسبة الاحتساب"، يبرر بوسعيد.