ما إن أسدلت سنة 2015 ستارها النهائي على ما جرى فيها من أحداث بما لها وما عليها، وما إن بزغ أول يوم من العام الجديد، حتى انطلقت الانتظارات تُرَص، وانبعثت الأماني تُقَص، كل في مجاله وميدانه الذي يهمه، وفي المغرب كذلك كثيرة هي القطاعات التي تأمل أن تكون سنة 2016 حبلى بما يسر. ويعتبر الحقل الديني أحد المجالات الحيوية في المغرب التي تثير الكثير من السجال والجدل، لكونه قطاعا حساسا يمس شغف قلوب الكثير من المغاربة، وبالنظر إلى رمزيته في مجتمع مسلم بالأساس، وأيضا لأن قائد البلاد يوسم بأمير المؤمنين، وفق ما ينص عليه الدستور المغربي. الدكتور عبد السلام بلاجي، المتخصص في السياسة الدينية، فصّل، من وجهة نظره، ثلاثة انتظارات أو كُليات، يتعين الاهتمام بها في سنة 2016، وما بعدها أيضا؛ أولها تعزيز المرجعية الإسلامية للمجتمع والدولة، وثانيها الحفاظ على الوحدة الدينية والمذهبية، وثالثها صون المشاعر الدينية للمغاربة. المرجعية الإسلامية يرى أستاذ الدراسات الإسلامية والعلوم السياسية، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن أولى الكُليات الثلاثة في السنة الجديدة "يجب أن تنصب على تعزيز المرجعية الإسلامية للمجتمع والدولة، وذلك بالنظر إليها كمكسب لجميع المغاربة"، على حد تعبيره. ودعا المتحدث ما سماه "بعض النخب المتعلمنة في البلاد"، إلى "تجاوز أحلام الستينيات والسبعينيات، بالقضاء على الإسلام والتدين في المغرب، أو اعتبار رئاسة بعض المؤسسات الدستورية حاليا أداة كافية لتحقيق أحلامهم". القيادي الإسلامي قال إن "المجتمع المسلم أقوى من أولئك الأفراد والمؤسسات"، مشددا على أنه "يجب على الجميع اعتبار المرجعية الإسلامية عمقا اجتماعيا ومؤسساتيا لا يمكن تجاوزه أو القفز عليه، والتسليم بذلك حقا لا تظاهرا، وبصفة ظرفية أو تكتيكية". الوحدة الدينية أما الانتظار الثاني، وفق بلاجي، فهو "الحفاظ على الوحدة الدينية والمذهبية، باعتبارها أهم عوامل الاستقرار والأمن"، معتبرا أن "بعض المغاربة يعتنقون ديانات أو مذاهب، بعضها من خارج المنظومة الدينية والمذهبية المغربية كليا، كالتنصير والعلمنة، وبعضها له نوع من الااتصال بها، كالوهابية والتشيع". وأشار المحلل ذاته إلى أنه "ينبغي، في هذا السياق، التمييز بين جانبين. فبخصوص الزاوية الأولى، هناك احترام الحقوق الفردية؛ حيث إنه لكل واحد الحق في اعتناق ما يشاء مع تحمل مسؤوليته الدنيوية والأخروية في ذلك، حتى ولو كان التحلل من الدين كلية". والزاوية الثانية "تتعلق بالنظام العام للمجتمع ووحدته، وحفظه حالا ومستقبلا من الطائفية التي تشعل الحرب، وتهدد كيانات دول بأكملها، مثل سوريا والعراق واليمن"، يقول بلاجي، مبينا أن "الأمور الآن تبدو بسيطة وفردية، ولكنها إذا تمأسست كما يطالب البعض، فستؤسس لطائفية مقيتة وقاتلة". الاستفزاز الديني وبخصوص المطمح الثالث، يُكمل بلاجي، فيتجلى في تجنب استفزاز المشاعر الدينية والروحية للشعب المغربي"، مشيرا إلى أنه "بين الفينة والأخرى، تثير فئات حالمة قضايا جزئية مستفزة للمشاعر الدينية للمجتمع المغربي"، وفق تعبيره. المتحدث أوضح أن هذه الفئات "تحاول حاليا، بوسائل حقوقية ومدنية وسياسية، تحقيق ما عجزت عنه بالمواجهة والثورة في سبعينيات القرن العشرين، مثل الحق المطلق في الإجهاض، والمساواة الميكانيكية في الإرث، والمجاهرة بالإفطار في رمضان، وغير ذلك من القضايا"، بحسب تعبيره. وأكمل المتخصص في الشأن الديني أن "مثل هذه القضايا تستفز مشاعر المجتمع المغربي، وإثارتها غير مأمونة العواقب، من قبيل تشجيع نزعات التكفير والتطرف والإرهاب، لا قدر الله"، مردفا أن "لكل هذه القضايا مخارج شرعية وقانونية فردية غير مستفزة". بلاجي خلص، في تصريحه لهسبريس، إلى أنه "إذا أدرك المغاربة، وخصوصا النخب الحقوقية والمدنية والسياسية، أهمية هذه الكليات الثلاثة، ودورها في الحفاظ على استقرارهم وأمنهم، فسوف يعملون جميعا، حتى غير المتدينين منهم أو المعادين للدين، على الحفاظ عليها وتعزيزها، باعتبار دورها الاستراتيجي الإيجابي حالا ومستقبلا".