في تسجيل صوتي جديد، يعد الأول لأبي بكر البغدادي منذ سبعة أشهر، دعا زعيم ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية، المشتهر ب"داعش"، إلى انتفاضة داخل المملكة العربية السعودية، قبل أن يهدد بمهاجمة إسرائيل إلى حين تحرير القدس الشريف؛ في ما يرى مراقبون أنها تهديدات تأتي في سياق تراجع قوة التنظيم. وصب البغدادي، في التسجيل الذي لم يتم التثبت بعد من نسبته إلى زعيم التنظيم الدموي، جام غضبه على التحالف الإسلامي العسكري المعلن قبل أيام خلت من طرف السعودية، إذ قال: "لو كان تحالفاً إسلاميا لأعلن نصرته ونجدته لأهل الشام، وأعلن حربه على النصيرية وأسيادهم الروس". وتوعد البغدادي بمهاجمة إسرائيل وتحرير القدس، وقال في نوع من الرد على من ينتقدون "داعش" بشأن عدم الدعوة إلى الجهاد في فلسطين: "ما نسينا فلسطين لحظة، وقريباً بإذن الله ستسمعون دبيب المجاهدين، وتحاصركم طلائعهم في يوم ترونه بعيداً، ونراه قريبا"، وفق تعبيره. وتطرق التسجيل الجديد للبغدادي، الذي لم يُر له أثر منذ صيف 2014، إلى محورين رئيسيين، الأول انتقاد التحالف الذي تقوده السعودية، والدعوة إلى ثورة في البلاد ضد النظام الحاكم، والثاني الحديث، ولأول مرة، عن اهتمام "داعش" بما يجري في فلسطين، والوعود بمحاربة الصهاينة. وحسب مراقبين، فإن "داعش" تحاول من خلال التسجيل الجديد ضرب عصافير عديدة بحجر واحد؛ الأول إبراز قدرة زعيمها على مواكبة الأحداث الجارية، وآخرها إعلان السعودية إنشاء تحالف إسلامي ضد الجماعات الإرهابية، والثاني إبداء الاهتمام بالصراع العربي الفلسطيني، الذي كان يُلام فيه "داعش" من طرف "الجهاديين" بالعالم. التسجيل المنسوب إلى البغدادي، حسب عدد من المراقبين، يروم أيضا تجنيد أعداد إضافية من الشباب الذين بدؤوا يتراجعون عن الالتحاق بالتنظيم، بسبب ضبابية الرؤية، وعدم توحد الأهداف و"الراية الجهادية" كما يقولون، فلجأ البغدادي إلى إثارة الوتر الحساس بالنسبة للمسلمين، وهو وتر فلسطينوالقدس لاستقطاب جهاديين محتملين. ويبدو أن "عصافير البغدادي" لا تقف فقط عند حدود الرغبة في استقطاب جهاديين جُدد، ودغدغة عواطف المقاتلين بإثارة موضوع فلسطين وتحرير القدس الشريف، وشن حرب ضد إسرائيل، ولا مهاجمة التحالف السعودي، بل أيضا محاولة تصريف الأزمة التي بات التنظيم يعاني منها إلى توسيع جبهات القتال. ويهدف تسجيل البغدادي، بإثارته مواضيع التحالف الإسلامي وتحرير فلسطينوالقدس، إلى التغطية على تراجع تنظيمه في العديد من المناطق، إذ تتطرق تقارير إعلامية سورية وعراقية متطابقة عن انسحابه من زهاء 14 في المائة من الأراضي التي كان يسيطر عليها بالبلدين، جراء تعرضه لحملات عسكرية كثيفة في الأسابيع الأخيرة، فضلا عن قطع الإمدادات عنه.