بات ردود فعل المغاربة، المتوفرين على حسابات بمواقع التواصل الاجتماعي، حول التصريحات والمواقف التي تطلقها الشخصيات العمومية، كفيلة برفع أسهم أي شخصية كيفما كان وزنها، أو جعلها موضوع سخرية واستهزاء، إلى حد دفع صاحبها إلى "إبداء الندم" على كلماته؛ وهو ما أكده عبد الإله بنكيران، بحديثه عن استيقاظه قبل الفجر وإبحاره في الإنترنت، ليجد "شعب الفيسبوك أضحكوا منه العالم"، حسب تعبيره، في إشارة إلى الصور الكاريكاتورية والتعليقات الساخرة من رئيس الحكومة. وليس رئيس الحكومة وحده من بات يضرب الحساب لتعليقات مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن العديد من وزراء حكومته باتوا جد حذرين في إطلاق التصريحات. ولعل آخر من تعلم الدرس الوزيرة التقدمية شرفات أفيلات، التي جر عليها التصريح الذي بات يعرف ب"جوج فرانك"، في إشارة إلى تقاعد البرلمانيين البالغ 8 آلاف درهم، انتقادات لاذعة. ورغم اعتذار الوزيرة عن هذا التصريح إلا أنه أصبح مادة دسمة لسخرية وانتقاد رواد مواقع التواصل الاجتماعي، بل إن صداه وصل إلى قنوات عالمية. ولم يُجد اعتذار الوزيرة أفيلال، وحتى دفاع عدد من زملائها في الحكومة ورئيس مجلس النواب الطالبي العالمي عنها، وإعلان تضامنهم معها، في التقليل من الغضب المتأجج في شعاب مواقع التواصل الاجتماعي. وما هي إلا أيام معدود من تصريح "جوج فرانك" حتى خرجت نجوى كوكوس، رئيسة شبيبة "البام"، بتصريح آخر "منفعل"، هاجمت فيه الصحافي الرياضي نوفل لعوالمة، بسبب شهادته حول ما حصل في "الديربي" البيضاوي، ووصفته ب"اللاجئ"؛ وهو ما جر عليها سيلا من الانتقادات، خصوصا أن لها سوابق في التعليقات "غير المحسوبة"، بعدما هاجمت زيارة ملك السعودية إلى مدينة طنجة، قبل أن تعلن أن حسابها على "فيسبوك" قد تم اختراقه، فاضطرت إلى الانسحاب من الفضاء الأزرق لأيام. وزير آخر في حكومة بنكيران صرح خلال حوار إذاعي بأنه كان في صغره يرعى الغنم، والآن "كيسرح بنادم"، ويتعلق الأمر بوزير التشغيل عبد السلام الصديقي، رفيق شرفات أفيلا في حزب التقدم والاشتراكي، والذي نال هو الآخر نصيبا محترما من الانتقادات والسخرية، دفعته إلى الخروج بأكثر من تصريح صحافي ليوضح أنه لم "يكن ينوي أي سوء". منصف بلخياط، "المثير للجدل"، دفعه "الحماس" خلال الحملة الانتخابية السابقة إلى الاستهزاء من نبيلة منيب، زعيمة الحزب الاشتراكي الموحد. وكانت "تدوينة" واحدة من "خوكم منصف"، يسخر فيها من طريقة لباس نبيلة منيب، كفيلة بأن يكون هدفا للسخرية والاستنكار من طرف مرتادي "فيسبوك" و"تويتر"؛ ما دفع الأمين العام لحزب التجمع الوطني للأحرار إلى الاعتذار لمنيب، والتبرؤ من تصريحات بلخياط، الذي اعتذر هو الآخر أكثر من مرة، لكن منيب أكدت رفض الاعتذار. وبات شبه أكيد أن أي تصريح "خارج عن السياق" سيجد صدى له في مواقع التواصل الاجتماعي، بالنقد والسخرية والاستهزاء والغضب؛ وهو ما أكده الحسين الصاف، أستاذ المضمون الرقمي بالمعهد العالي للإعلام والاتصال، الذي اعتبر أن عدد المغاربة الذين يتوفرون على حسابات في "فيسبوك" يرتفع بكل بشكل ملحوظ، وأن "مواقع التواصل الاجتماعي تخضع دائما للمنطق العددي؛ فكلما ارتفع عدد منتقديك كلما ارتفعت درجة الضغط عليك وصعوبة تجاوز الأزمة". وقال الصاف إن "على المسؤولين السياسيين الاعتماد على خبراء في التواصل الرقمي للحفاظ على صورة إيجابية في مواقع التواصل الاجتماعي"، مؤكدا أن "جميع السياسيين، وحتى إن لم يتوفروا على حسابات رسمية في مواقع التواصل الاجتماعي، معنيون بكل ما يدور في هذه المواقع، وأي موقف أو تصريح صادر عنهم سيجلهم يتصدرون المشهد في العالم الافتراضي"، مفسرا الأمر بأن الشخص المعني بالأمر "سيجد نفسه سجين تصريحاته حتى بين أقرب الناس إليه". واعتبر صاف أن "مواقع التواصل الاجتماعي باتت سيفا ذا حدين، لأن المواطن هو المنتج للتعليق وللمضمون في هذه المواقع، وأي مسؤول سيصدر عنه تصريح لا يروق للمواطن سيكون في مرمى نيران مرتادي مواقع التواصل الاجتماعي؛ الأمر الذي قد يؤثر على سمتعه لدى المواطنين".