حث باحثون وأكاديميون التأم شملهم بمناسبة انعقاد فعاليات الدورة العاشرة للملتقى العالمي للتصوف، ضمن ندوة نُظمت اليوم بمداغ، على الاغتراف من معين قيم الوسطية والاعتدال، وخلق الرحمة، من خلال ارتياد الزوايا، ما يتيح تعزيز هذه الصفات في سلوك المسلم المعاصر. خالد السقاط، الأستاذ بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، قال إن الزوايا، بوصفها مؤسسات دينية واجتماعية بالمغرب، ساهمت في صياغة الشخصية المغربية المعتدلة"، لافتا إلى أن "كتب المناقب الصوفية أبرزت ضرورة صحبة المريد للشيخ في السلوك الصوفي". وأكد المحاضر ذاته أن "اعتماد الزاويا في المغرب على استحضار فقه الواقع والحرص على التلاؤم مع معطيات العصر، هو ما أسهم في استمرار وظائفها عبر العصور" مبرزا أن "غاية الزوايا تتمثل في استعادة الإنسان لإنسانيته، بعيدا عن كل مظاهر الغلو والتطرف." ومن جهته قال محمد صلاح المستاوي، عضو المجلس الإسلامي الأعلى بتونس، إن خصيصة الرحمة تبرز في مقدمة خصائص الدين الإسلامي الحنيف الذي "يحتاج منا اليوم أن نضع النقاط على الأحرف"، مبينا أن "رسالة الإسلام هي الرحمة الشاملة بكل من خلق وما خلق الله تعالى". وأكد الباحث المغربي في العلوم الإسلامية، محمد المهداوي، أن الرحمة مبدأ أصيل في السلوك الصوفي، لافتا إلى أن "رحمة الله لا تنال سوى برحمة الناس"، قبل أن يبرز أن "الرحمة هي أثر من آثار الإيمان بالله واليوم الآخر، وأن الله بعث رسوله الكريم رحمة للإنسانية جمعاء. واستشهد المتحدث بمقولة لأبي حامد الغزالي يؤكد فيها أن "حظ العبد من اسم الله الرحمن أن يرحم عباده"، مشددا على أن "التخلق بخلق الرحمة هو أحد أبرز غايات التربية الصوفية"، وأن هذه التربية تفتح الباب مشرعا على الأمل والتيسير والتبشير، لافتا إلى أن "الأسلوب الخشن يضيع المضمون الحسن". وتنظم الطريقة القادرية البودشيشية هذا الملتقى، بشراكة مع المركز الأورو متوسطي لدراسة الإسلام اليوم، تحت الرعاية الملكية، حيث انطلقت أشغاله أمس بمنطقة مداغ في شرق المملكة. ويعرف الملتقى الذي تتواصل فعالياته إلى غاية يوم غد، والمنظم بمناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، حول موضوع "التصوف وسؤال المعنى..دور الزوايا في تفعيل قيم الوسطية والاعتدال والجمال"، مشاركة عدد كبير من الباحثين والعلماء من المغرب ومختلف أنحاء العالم.