بينما يشهد لبنان توترا سياسيا وأمنيا، على وقع الخلافات بين القوى السياسية وسلسلة التفجيرات الإرهابية الأخيرة، توحد "زينة الميلاد"، كل عام، مختلف أبناء البلاد ومناطقها، وتفرض شعورا عاما بالفرح وانتظار الأعياد. وما أن يحل شهر دجنبر في لبنان حتى تكتسي الساحات العامة والشوارع، في كل البلاد، بمجسمات لشجرات الميلاد والزينة والأضواء، احتفالا بميلاد المسيح في الخامس والعشرين من الشهر نفسه، والذي بات عيدا يحتفل به معظم اللبنانيين من مختلف الطوائف. وتخطف الأنظار مدينة جبيل، على الساحل اللبناني شمال العاصمة بيروت، للسنة الثانية على التوالي، بعد اختيار شجرة الميلاد للحاضرة من بين الأجمل في العالم، بحسب صحيفة "الغارديان" البريطانية، التي أوردت أن جبيل، المعروفة باسمها الفينيقي "بيبلوس"، حجزت لها مكانا بين الزينة الأجمل في 13 مدينة حول العالم، بجوار واشنطن وملبورن، وبودابست ولندن وغيرها. المدينة تتميز بمينائها الفينيقي الأثري، المعتبر بين الأقدم في العالم، إذ يُرجع المؤرخون إنشاءه إلى نحو 6 آلاف عام، وبها تضفي الشجرة، بأضوائها وصفائحها الذهبية، أجواء ميلادية رائعة على الساكنة. إذ تظهر روعة الشجرة في امتداد الزينة الميلادية إلى الشوارع المحيطة بها، ما يجعل مدينة جبيل تبدو وكأنها كلها "مغارة ميلادية"، ترسم فيها الأضواء وانعكاساتها معالم الشجرة والشوارع المحيطة. وشجرة مدينة جبيل مغطاة بمرايا ذهبية، مصنوعة أصلا من الحديد، يبلغ وزنها 35 طنا وترتفع 35 مترا عن الأرض، بقطر 14 مترا، وهي مصممة بطريقة تظهر حاضر جبيل وتاريخها. وتبدو الشجرة كأنها قسمت إلى قسمين، الأول مقابل للبحر على شكل شراع، للدلالة على تاريخ المدينة ودور مرفئها وأبنائها في تصدير الأبجدية، أما القسم الثاني فهو متعدد الأضلاع، ويجسد حاضر وتعددية أهلها بطوائفهم وثقافاتهم. وتحولت الشجرة إلى حدث ينتظره اللبنانيون والسياح الأجانب كل عام، وساهمت في تنشيط الحركة التجارية في المدينة، حيث اجتذبت شجرة العام الماضي، التي اعتبرت أيضا من أجمل أشجار الميلاد في العالم، نحو 700 ألف زائر إلى المنطقة. وفي بيروت، التي تزينت مناطقها بالعديد من الأشجار في الساحات العامة خصوصا، والمراكز التجارية، أضاءت بلدية العاصمة شجرة الميلاد الرئيسية التي تقام كل عام في ساحة الشهداء وسط المدينة. والتفت الشجرة بالأشرطة الحمراء، التي ترمز إلى الميلاد، بالإضافة إلى الإضاءة والنجمة التي كلّلتها، مع عبارة "ميلاد مجيد". ويقصد اللبنانيون الشجرة، حيث يلتقطون الصور، كجزء من تقاليد سنوية خاصة بهذا الشهر الذي يختتم به اللبنانيون، كما معظم دول العالم، احتفالاتهم بسهرة رأس السنة الميلادية الجديدة. * وكالة أنباء الاناضول