تعيش الساحة الفنية المصرية على وقع جدل انطلق مع إعلان المؤلف أيمن بهجت قمر عن عزمه تقديم جزء سادس من المسلسل التلفزيوني الشهير " ليالي الحلمية"، للسيناريست الراحل أسامة أنور عكاشة، والمخرج الراحل إسماعيل عبد الحافظ ، قصد عرضه ضمن برمجات شهر رمضان المقبل. إعلان أيمن بهجت قمر، بالاشتراك مع الفنان عمرو محمود ياسين، الجزء السادس من الملحمة الدرامية "ليالي الحلمية "، التي تعد إحدى أشهر الكلاسيكيات التلفزيونية بشمال إفريقيا والشرق الأوسط، قوبل بانتقادات شكلت منطلقا لجدل بدأ على مواقع التواصل الاجتماعي، ثم انتقل إلى صفحات الجرائد. ويذكر أن سلسلة "ليالي الحلمية"، التي بثت أولى حلقاتها في عام 1987، وامتدت في خمسة أجزاء حتى عام 1995، رصدت تطور المجتمع المصري وتاريخه السياسي، منذ عهد الملك فاروق وحتى التسعينيات من القرن الماضي . ويعتبر المنتقدون لمبادرة أيمن بهجت قمر أن الخوض في سلسلة "ليالي الحلمية" أمر غير مقبول ، وأن إنتاج جزء سادس لها "يحتاج لفكر مبدعها وحده، الراحل أسامة أنورعكاشة، حتى لا تخرج السلسلة عن السياق الإبداعي الذي انطلقت منه في الثمانينيات"، مستشهدين بفشل أعمال سبق أن أعيد تقديمها أو تحويلها من السينما إلى التلفزيون، بينما يواجه آخرون هذا الطرح بالقول إن الفن والإبداع قائمان على التجريب والتغيير، ويرفضون الهجوم المسبق على عمل لايزال قيد الكتابة. واعتبرت الناقدة ماجدة خير الله تقديم جزء سادس من " ليالي الحلمية" بمثابة تشويه لتراث الدراما واستيلاء على فكر الكاتب الراحل أسامة أنور عكاشة، مبرزة أن السلسة ليست رواية أدبية قابلة لتقديمها وتحويلها في أكثر من عمل سينمائي أو تلفزيوني، بل عمل كتب خصيصا للشاشة الصغيرة. وقالت خير الله، في تصريحات صحفية إن "ليالي الحلمية" كانت تحمل أفكارا وآراء لكاتبها أسامة أنور عكاشة كمؤلف له توجه سياسي معين، وضعها في مواقف درامية معبرة، وبالتالي فإن أي أحد لن يكون معبرا عن أفكار مثل صاحبها نفسه. وأكدت آثار الحكيم، التي لعبت دور شخصية " زهرة " في المسلسل، أنها قد تتراجع عن اعتزالها التمثيل في حالة مشاركة كل أبطال الأجزاء الخمسة السابقة في الحلقة الأولى فقط من الجزء السادس من السلسلة كحلقة تلخص نهاية عصر وبداية عصر آخر، لتبدأ بعدها باقي الحلقات مع أجيال جديدة من الممثلين ، وذلك "ردا لجميل أسامة أنور عكاشة". غير أنها قالت إنها لا تتوقع أن يكون العمل بمستوى الأجزاء السابقة، ولا تستطيع أن تتخيل الشكل الذي ستقدم فيه شخصيات السلسلة، مثل يحيى الفخراني، وصلاح السعدني، وصفية العمري، الذين من المفترض أن أعمارهم تجاوزت ال80 عاما، وأيضا شخصية "زهرة" التي جسدتها هي، وهشام سليم ، وممدوح عبد العليم، خاصة أن أحداث الجزء السادس قيل أنها ستبدأ من عام 2005 وتستمر حتى 2015. أما صفية العمري، التي جسدت شخصية " نازك هانم السلحدار" في السلسلة، فقالت جوابا على سؤال عما إذا كانت تقبل المشاركة في الجزء السادس، إن " مسلسل ليالي الحلمية ملكي ، من يجرؤ على تقديمه بدون نازك السلحدار¿ الجمهور لن يقبله بدون صفية العمري". ومن جهته، ذكر الكاتب الصحفي فاروق جويدة ، ب"تقليد شبه عالمي يقول إنه لا يجوز تعديل النصوص الإبداعية بعد رحيل أصحابها، احتراما للتاريخ والإبداع والقيمة"، وقال إن من حق المبدع أن يضيف إلى أعماله أو يحذف منها إذا أراد وهو على قيد الحياة أما بعد رحيله، فلا يصح أبدا أن يصبح تراثه مستباحا للآخرين، معتبرا أن كتابة جزء سادس من مسلسل "ليالي الحلمية" سلوك "غير حضاري وغير ثقافي"، وأنه لا يجوز التعامل مع كاتب بحجم أسامة أنور عكاشة ب"هذه الصورة المخجلة". وتساءل "كيف يتجرأ قلم مهما كانت قيمته على أن يضيف لما كتبه الرجل وهو الآن في رحاب ربه ¿ إن هذا القلم إذا كانت لديه القدرة فليكتب عملا آخر يحمل اسمه". ومن جهتها ، انتقدت الإعلامية نسرين أسامة أنور عكاشة، ابنة السيناريست الراحل صاحب " ليالي الحلمية"، الضجة المثارة حول تقديم جزء سادس من السلسلة، وقالت إن "العمل سيجري تقديمه بعد موافقة ورثة الكاتب الراحل، وهذا الجدل لا داعي له". وقالت نسرين، إنه "تم الاتفاق معنا، بعد أن اقتنعنا بما سيقدمونه، ووجدنا لديهم شيئا وتصورا محترما، ويقترب من فكر العمل الأصلي الذي قدمه والدي". وأعربت عن رفضها للهجوم وانتقاد من يرغب في تقديم عمل لمجرد أن أسامة أنور عكاشة قدمه، معتبرة ذلك بمثابة "حجر على الإبداع" . ومن جهته، قال المؤلف عمرو سمير عاطف، "إن الفن أساسه التجريب والخروج عن المتوقع (...) لماذا نستبق الأمور؟"، وأضاف: "نحتاج للتعامل مع الأعمال الفنية بطريقة بعيدة عن تعاملنا مع الكتب الدينية المقدسة"، مؤكدا أنه لا يجب إبداء توقعات سيئة لما سيتم تقديمه. وفي رده على المنتقدين، طالب منتج الجزء السادس من السلسلة ،محمود شميس، بعدم استباق الأحداث والحكم مسبقا على هذا العمل، وقال " امنحونا فرصتنا وانتظروا حتى يرى العمل النور". وكان المنتج محمود شميس قد أعلن عن توصله إلى اتفاق مع ورثة الراحل أسامة أنور عكاشة، وحصل على تنازل منهم من أجل تقديم جزء جديد من ليالي الحلمية، يشارك في تأليفه أيمن بهجت قمر وعمرو محمود ياسين. غير أن الناقدة ماجدة خير الله قالت بهذا الخصوص إن " أبناء أي مبدع يرثون الحقوق المادية وما يدر مالا، لكن لا يرثون الإبداع واستثماره".