قالت الأميرة الدكتورة نسرين الهاشمي، حفيدة فيصل الأول، ملك العراق (1921-1933)، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية أوجدت تنظيم القاعدة لمحاربة الاتحاد السوفيتي، متسائلة عن الجهة التي صنعت وموّلت تنظيم داعش، بعد أن انتهت القاعدة. وفي حوار أجرته وكالة الأناضول التركية معها في إسطنبول، على هامش لقاء للقناصل حول العالم، قالت الهاشمي إن نشر الكره والبغضاء ليس حرية، وكان له تداعيات، وذلك في معرض تعليقها على الهجمات، التي نفذها تنظيم داعش في العاصمة الفرنسية باريس، وقبلها منشورات مجلة شارلي ايبدو المسيئة للإسلام. وأفادت أن "تفجيرات باريس إرهابية بمعنى الكلمة، وسقط بها أبرياء قتلوا بدون أي ذنب، ولكن يجب أن نسأل لماذا وقعت؟"، مضيفة أن نشر مجلة شارلي ايبدو الساخرة صورا مسيئة للإسلام، "هو بحد ذاته بذرة للكره"، على حد تعبيرها. وتساءلت الهاشمي، "من الذي أوجد داعش وما هو سبب وجوده؟ فتنظيم القاعدة وجد من قبل أمريكا لمحاربة الاتحاد السوفيتي، وتطور التنظيم وبات له أعمال أخرى، وصولا إلى سبتمبر 2001 وسقوط الأبرياء، فمن أوجد داعش، حيث ظهر بعد أن انتهت القاعدة، وإذا انتهى داعش هناك مجموعة جاهزة للظهور، فمن يمولهم ويخطط لهم؟". وحول نتائج العمليات على المسلمين وانعكاساتها، قالت الهاشمي إن "الإسلاموفوبيا ضد المسلمين تعززت، وكذلك الحركات العنصرية، وحصلت مضايقات شديدة بالشوارع، وهناك من يفقد أعماله، وبالتالي بات اللاجئون لا يجدون الأمان في بلاد اللجوء، وهم هربوا من انعدام الأمان، فلم يبق سوى البحر، الذي يأخذنا دون السؤال عن مذهبنا وديننا وعرقنا"، على حد وصفها. وشددت بالقول "هل الهدف هو قتل الإسلام والمسلمين الذين أثروا أوروبا وأمريكا؟ لننظر إلى المسلمين هناك والكفاءات العلمية، وكم أعطوا هذه المجتمعات من ناحية الأعمال والتطوير والمهن اليدوية"، واستطردت أن العالم يتحدث عن أزمة اللاجئين، بينما ترفضهم ولاية نيوجرسي الأمريكية وولايات أخرى، رغم أنهم أرامل وأطفال، وغالبيتهم من السوريين من الكفاءات، متسائلة: "فهل الأهداف هي هدم الدين، ووضع صورة جديدة له، وبداية حرب جديدة من أجل تقسيم المنطقة". وأضافت أنه "لو توقف الأطباء المسلمون عن العمل في بريطانيا فقط، في مستشفياتها وعياداتها، فإن القطاع الصحي يصاب بالشلل، فالمسلمون ليسوا عالة، والسوريون كانوا أصحاب أعمال لم يأتوا للإعالة، وفي السويد خضع السوريون لإعادة التأهيل، فلم تظهر مشاكل لديهم، وبالعكس باتوا منتجين". وعن المهام التي تقع على عاتق المسلمين لمواجهة ما يحصل، أشارت الهاشمي إلى أن "عليهم عدم تبني خطاب ديني غير صحيح وطائفي وتطرفي، ويجب إعطاء دور لمؤسسات من مثل الأزهر في مصر، وتسليم الجوامع في أوروبا لأهلها، فليس كل من أطلق لحيته وقصر دشداشته (لباسه)، يصبح إماما، بل يجب أن يكون عن علم"، على حد تعبيرها. وتابعت بالقول: "للدول الغربية دور عندما تعطي طريقا للمتطرفيين، وعلى الدولة واجب عدم السماح لهم بالعمل، بل عليها إعطاء دور للمعتدلين، كما أن منظمة المؤتمر الإسلامي لها دور، وكذلك قادة الدول الإسلامية". ومضت قائلة: "عندي أمل أن تأخد تركيا بحكومتها دور الريادة بنشر الإسلام المعتدل، وحماية المسلمين والإسلام، فنحن بحاجة لنموذج تركيا الحالي، في الوطن العربي والغرب". وعن سبل مواجهة تنظيم داعش أفادت أن "الشعوب ما زالت تكافح وتتعلم الدين الصحيح، ولكن الجوع كافر، فكيف يواجه الحكام داعش؟ عليهم توفير الوظائف، والعيش الكريم، والتعليم الصحيح للشباب، لمنع تجنيده في صفوف داعش، وتوفير العلم والمعرفة له بأمور دينه، بعيدا عن التطرف وتحريف الدين". وأوضحت أنه "وصل الأمر بالمتطرفين إلى تحريف أقوال الرسول"، مشددة على أن "الشعوب هي التي تقاوم داعش فكريا وعلميا واجتماعيا، ولكن يبقى السؤال من يحمي داعش في المنطقة، ومن يريده، ومن هي الأيدي الخفية وراءه؟"، على حد وصفها. وفيما يتعلق بالملف الفلسطيني، أفادت أنه "ليست لدى المسلمين زعامات للدفاع عنهم في مواجهة الانتهاكات الصهيونية والإسرائيلية، حيث أخفقت الحكومات في حماية الأقصى والمقدسات، ويبقى الأقصى بيد الله وسيحميه، ويبعد عنه شر المفسدين". وبينت أن "الفلسطينيين لا يمتلكون سوى الحجر وهم يقاومون، لأن إسرائيل تقتلهم وتحرقهم وتقصفهم بدون سبب، وعندما يرد الفلسطيني بسكينه يقول عنه المغتصب إنه إرهابي، والشعب الفلسطيني كله يقاوم بثباته وعلمه. كانت لدينا قضية الشعب الفلسطيني سابقا، وأصبحت مأساتنا في العراق وسوريا، والله من يمد الشعب الفلسطيني بالقوة". وبخصوص بلدها العراق، أكدت أن "الوضع فيه منذ 2003 وحتى الآن مع الاحتلال الأمريكي البريطاني، لم يشهد أي راحة، والحاكم الأمريكي السابق بول بريمر، هدم البنية التحتية بشكل كامل، ليس فقط بقطاع الخدمات، بل الجيش والشرطة والقضاء، وهي مؤسسات دولة قائمة، وأحضروا أناسا غير مؤهلين لقيادة دولة، وأقصوا الأحرار". ولفتت إلى أنهم (المدعومون من أمريكاوبريطانيا) "أصروا على وضع دستور كله طائفية ومبني عليها، وفي العراق العشيرة الواحدة فيها سنة وشيعة. كان كل همّ هؤلاء هو كم مليار يمكن نهبه، وكأن العراق ليس وطنهم، حيث سرقوا وهدموا، ونقلوا الأموال إلى البنوك الأجنبية، وتركوا الشعب بلا كهرباء ولا ماء ولا قطاع صحي، ولا وظائف. والفساد منتشر في كل ناحية". واستدركت بالقول "الآن الشعب العراقي انتخب رغم الموت، فهو يحب الديمقراطية والحرية، ولكن الوضع السياسي والتأثير الخارجي من دول الجوار أو دول أخرى، جعل الشعب غير قادر على التحمل، فخرجت مظاهرات سلمية كل يوم وكل جمعة، من كافة الطبقات، من شبان وطلاب يهتفون للعراق، ويريدون إصلاحات". ونالت الهاشمي في مارس الماضي، درجة الدكتوراة الفخرية من جامعة "باهتشة شهير" التركية، نظرًا لبحوثها في عدة مجالات علمية وأدبية، ولنشاطاتها الاجتماعية. * وكالة أنباء الأناضول