لملمت العاصمة تونس، اليوم الأربعاء، جراحها، غداة تفجير أودى بحياة 13 من أفراد الأمن الرئاسي، وإصابة آخرين، حيث عجّ مكان الحادث بشعارات الوحدة والورود، ترحماً على أرواح الضحايا، في وقت واصل فيه آخرون متابعة مهرجان "قرطاج" في رسالة منهم أن "الحياة لن تتوقف". وقريباً من الطوق الأمني الذي تفرضه الشرطة على مكان الحادث القريب من شارع الحبيب بورقيبة، تجمهر عشرات المواطنين، وأخذوا في ترديد شعارات تدعو للوحدة الوطنية ضد كل أشكال "الإرهاب"، فيما وضع آخرون باقات ورد على بعد أمتار من حطام الحافلة. وقالت إحدى الحاضرين، مفيدة درمول، التي حاولت كبح دموعها أمام عدسات الكاميرا وهي ترفع العلم التونسي: "لا ننتمي لأي حزب ولا منظمة، نحن تونسيون جئنا هنا لنقول لرجال الشرطة بأننا نساندكم من أجل الوطن"، مضيفة بالقول "هذه لحظة حرجة يجب أن يتضامن فيها كل أبناء الوطن، بعدياً عن المهاترات السياسية". جليلة عمامي، وهي ناشطة في المجتمع المدني، قالت من جهتها، إن "تونس ستظل عصية عن الإرهابيين... وبلدنا لن يسقط في يدي هؤلاء الإرهابيين، لذلك أهديت هذه الورود لكل عناصر الأمن الذين يدافعون بشراسة عن وطننا"، غير أن عمامي أعربت في حديثها مع الأناضول، عن خشيتها من تكرار هذه الحوادث في العاصمة، وحصول مجازر جماعية، على حد قولها. في هذه الأثناء، أغلقت قوات الأمن، شارع الحبيب بورقيبة، الذي يضم مقر وزارة الداخلية، وبعثات دبلوماسية، ومراكز تجارية كبرى، فيما انتشرت سيارات الشرطة في الشوارع القريبة من المكان، وأقيمت نقاط تفتيش للأشخاص والعربات، ورغم ما خلفه الهجوم من صدمة لدى التونسيين، فإن دور وقاعات السينما واصلت عرض الأفلام التي تشارك في مهرجان أيام "قرطاج" السينمائية، وسط إقبال على شبابيك بيع التذاكر . وقال هيكل حسن الذي يعمل في القطاع الخاص، إنه جاء لشراء تذكرة، من أجل مشاهدة أحد الأفلام، حتى يوجه رسالة للإرهابيين بأن الحياة في تونس لن تتوقف، وأن أبناء بلده "عازمون على القضاء على الإرهاب". وكانت وزيرة الثقافة والمحافظة على التراث في تونس، لطيفة الأخضر، افتتحت السبت الماضي، الدورة السادسة والعشرين ل "أيام قرطاج السّينمائيّة" التي تتواصل حتى يوم 28 من الشهر الجاري، ووفق القائمين عليه، فإن المهرجان واصل برمجته دون أي تغيير، حيث عُرضت بعض الأفلام أمام شبابيك مغلقة بعد نفاذ التذاكر. وكانت السلطات التونسية كشفت اليوم عن عن استخدام 10 كيلغرامات من المتفرجات في حادث الحافلة التي تقل أفراد الأمن الرئاسي الذي يتولى حماية رئيس الدولة والشخصيات الرسمية في البلاد. وفي أعقاب الحادث، أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، حالة الطوارئ التي تعطي صلاحيات واسعة لأجهزة الأمن والشرطة لمدة ثلاثين يوما، كما تم إقرار حظر التجوال باقليم تونس الكبرى (محافظاتتونس، ومنوبة، وأريانة، وبن عروس)، وإغلاق الحدود البرية مع ليبيا 15 يوما. ويعتبر هذا الهجوم الأول من نوعه الذي يضرب قلب العاصمة والثالث الذي يستهدف المدن خلال هذا العام، حيث قُتل العشرات من السياح في شهري مارس، ويونيو الماضيين، في هجوميين منفصلين استهدف الأول متحف "باردو"، فيما الثاني فطال فندقاً بمحافظة "سوسة" (شرق). * وكالة أنباء الأناضول