دافع رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، عما أسماه "التطور التدريجي في ظل الاستقرار"، وذلك في رده على الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد نبيلة منيب، والتي دعت إلى "القطيعة" وبناء ديمقراطية حقيقية. جاء ذلك خلال ندوة نظمها المرصد الوطني لحقوق الناخب مساء الخميس، حول موضوع "المشهد السياسي بعد انتخابات 2015". وأكد العثماني أنه "يريد التسريع في وتيرة الإصلاح، لكن وفق شروط وتدرج"، مشددا على أن "الانتخابات السابقة أعطت الكثير من الإيجابيات، مع وجود بعض السلبيات"، مضيفا أن "الاستحقاقات مرت في جو مقبول بالرغم من الاختلالات". وفي هذا السياق، أوضح وزير الخارجية السابق أن "التصويت في المدن أصبح تصويتا سياسيا بامتياز، وتراجع دور الإدارة والمال"، في مقابل أنه "لازالت القرى والبوادي تعاني من عدد من الاختلالات"، مضيفا أن "قوة التحكم أصبحت محدودة في المدن". وتساءل عضو الأمانة العامة ل"البيجيدي": لماذا لا يتم إدماج بعض الجماعات مع بعضها، وتقليص عدد المنتخبين؟، معتبرا أن "ذلك يعتبر آلية من آليات التحكم"، مما يؤشر على "دور هذا الأخير في العملية السياسية بالمغرب". حزب أغلبي وعرج العثماني على التحالفات التي عرفها تشكيل المجالس الجهوية والجماعية خلال الانتخابات الماضية، مشددا على أن "هناك تناقضا بين رغبة المواطن وتوجهات الناخبين الكبار"، معتبرا أن "ذلك يعد من بين أبرز الاختلالات؛ مما يسائلنا كيف يمكن أن نطور الأنظمة الانتخابية؟"، مردفا بأنه "سواء في انتخابات مجالس الجهات أو مجلس المستشارين عرف المشهد السياسي اصطفافات شديدة، وانشطرت كل من الأغلبية والمعارضة". وبالرغم من ذلك، يشدد المتحدث ذاته، فإن "المغرب لأول مرة في تاريخه تعرف انتخاباته الجماعية منطق الأغلبية، بعد أن اختارت أحزابها التدبير المشترك"، مؤكدا أنها "أول تجربة، وامتحان"، في مقابل أن "إرادة المنتخبين والأحزاب مضغوط عليها من قبل قوى التحكم"، على حد تعبيره، مضيفا: "رأينا بعض المرشحين والمنتخبين في الجهات ذهبوا في الاتجاه المعاكس"، واصفا ذلك بأنه "إخلال مقلق". وفي هجوم على حزب الأصالة والمعاصرة، الذي وصفه العثماني ب"الحزب الأغلبي"، أكد أنه "أكل من جميع الأحزاب تقريبا إلا حزبين"، واصفا ذلك بأنه "إشكال كبير"، فيما "يعد الفساد والتحكم أخطر شيء على المسار الديمقراطي". ودافع القيادي في "البيجيدي" عن حزبه بالتأكيد على أنه لم يطبع مع الفساد، "بل أسقط رؤوسه بمساعدة من الشعب"، مشددا على أن "عملية الإسقاط تحتاج إلى حنكة، في الوقت الذي قامت أحزاب أخرى بالدور ذاته في جماعات كثيرة"، وأوضح أنه "يعتبر النضال السلمي أساسيا، كما يجب أن يكون هناك تعاون بين مختلف الأحزاب للعمل على بناء اصطفاف ديمقراطي"، مشددا على أن ذلك "لا يعني الاتفاق على كل شي، بغية الوصول إلى الديمقراطية". مشهد ضبابي في مقابل ذلك، شدد عضو الديوان السياسي لحزب التقدم والاشتراكية، خالد الناصيري، على أن "الخريطة السياسية بالمغرب لازالت في طور النضج، ولازال أمامها مسار غير مكتمل"، مؤكدا أن ذلك "يعد من أبرز المفاتيح من أجل فهم الحقل السياسي المغربي". هذا المشهد السياسي بحسب، خالد الناصيري، "لازالت تكتنفه الضبابية، إذ يعرف نوعا من التعثر، خاصة في ما يتعلق بالحدود بين الأغلبية والمعارضة"، مشددا على أن "دستور 2011 متقدم جدا، ونتاج لحراك عشرين فبراير"، ومضيفا أن "نقاشات ما بعد الدستور ستبقى في الصدارة". ونوه وزير الاتصال السابق بنسبة المشاركة في الانتخابات، مشددا على "أنها ستقوي الفعل السياسي، وولوج أجيال جديدة إلى المشاركة السياسية"، مؤكدا أنه "لابد من القطع مع الخطاب التيئيسي، وترشيد الحقل السياسي، ووضع الثقة في الشباب". وعرج الناصيري على موضوع التحالفات في الانتخابات الأخيرة، وقال إنها "كانت غير موضوعية، ولم تكن في المستوى المطلوب"، في إشارة إلى انقسام أصوات الأغلبية والمعارضة، مضيفا: "إننا في حاجة إلى السمو بالبرامج والأفكار".