جرت المذكرة الوزارية القاضية ب"فرنسة" تدريس مادتي الرياضيات والعلوم الفيزيائية في المؤسسات التعليمية ابتداء من الموسم الحالي، السخط والغضب الحادّ على وزير التربية والوطنية والتكوين المهني، رشيد بلمختار، إذ عمد عدد من النشطاء والفاعلين المغاربة إلى وصف المذكرة ب"الانقلابية" و"المستهدفة لهوية المغاربة"، فيما نعت الوزير بلمختار ب"أسوأ وزير تعليم عرفه المغرب". الفقيه المقاصدي، والقيادي في حركة التوحيد والإصلاح، أحمد الريسوني، وصف مذكرة الوزير رشيد بلمختار ب"الانقلابية"، مضيفا أنها تأتي "قبيل وفاته المرتقبة"، ل"استبعاد اللغة العربية وتهميشها والتمكين للغة الفرنسية وتوسيع استعمالها"، واصفا إياه ب"الوزير الأعجمي"، و"غير المختار المسمى ابن المختار" وب"أسوأ وزير تعليم عرفه المغرب"، "منذ سلفِه وقدوته الوزير محمد بنهيمة، الذي سبق له أن قاد أكبر ردة ضد إتمام استقلال المغرب، وضد سيادته الثقافية واللغوية"، يضيف الريسوني. الهجوم الحاد الذي شنه الريسوني، عبر مقال عنونه ب"وزير التعليم والحرب المقدسة ضد اللغة العربية"، على بلمختار، قال فيه إن الأخير "لا يعرف الشعب ولا يعرفه الشعب"، متسائلا: "كيف يمكنه أن يحترم الشعبَ وهويته وإرادته؟"، فيما اتهمه ب"جهله أو تجاهله للدستور المغربي، الذي نص في كل صيغه وتعديلاته (..) على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية للمغرب"، فيما قال إنه "غارق متفانٍ في خدمة أهدافه السياسية وإيديولوجيته اللاوطنية واللاعلمية واللاتربوية". أما الائتلاف الوطني من أجل اللغة العربية، فاعتبر المذكرة المذكورة "تهديدا حقيقيا للأمن التربوي واللغوي للمغاربة، واستهزاء بقيمهم وتوافقاتهم المجتمعية والدستورية"، و"خرقا سافرا للنص الدستوري، وتجاوزا للنقاش التربوي الجاري في لقاءات ومشاورات المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي"، ودعا الحكومة إلى إلغاء المذكرة "واحترام المقتضيات الدستورية وهوية المجتمع المغربي". وقال الائتلاف، في بلاغ توصلت به هسبريس، إن الوزير بلمختار عمد في مذكرته إلى "قرارات انفرادية ومزاجية.. ترهن مستقبلنا التربوي"، على أن الخطوة "تكريس للتبعية للنموذج الفرنسي، وتعميق للارتباط بالمركز الفرنكفوني، ضدا على كل مكتسبات النقاش اللغوي، وتوجيها لعملية إصلاح التعليم"، فيما دعت الهيأة ذاتها إلى "التصدي لهذا التوجه المستهدف للغة العربية والاستعداد لكل الأشكال النضالية لإيقاف هذا المنحى التراجعي الخطير". ويرى الائتلاف أن المذكرة الجديدة تشير إلى أن "مسار الفرنسة الذي بدأ منذ مدة قد وصل أوجه بعد الباكالوريا الفرنسية، المسماة دولية، وانتقل إلى مستوى الأحادية اللغوية التي تلغي مسارا طويلا من التعريب، وتغيير بوصلة الانتماء ضد كل النصوص القانونية والتنظيمية المؤطرة للمسألة التربوية". الناشط السلفي عادل رفوش، المدير العلمي في مؤسسة "ابن تاشفين"، أثنى على المواقف التي وصفت مذكرة الوزير بلمختار ب"الانقلاب"، موردا في تصريح صحافي نشرته الصفحة الرسمية للمؤسسة على "فيسبوك"، أن هذا "الانقلاب.. لا يبعد كثيرا عن الانقلاب الدموي؛ بل إن سفك الدم -على خطورته عند الله- هو هدر لنفس أو نفوس"، مضيفا: "أما سفك اللسان وعقد المشانق لإعدامه (..) وعدم الاكتفاء بما يعانيه مِن غربة وتهجير وتدريج وتدجين، هو سفك لشعب بكامله، ولأمة برمتها ولحضارة بتاريخها". واعتبر رفوش أن خطوة وزير التربية الوطنية والتكوين المهني "تحد لإرادة الأمة في الثبات على أصالتها" و"استفزاز يلحقها في مكونات هويتها وأصالتها وإسلاميتها"، مضيفا أن الأمر يأتي في سياق "تغول الفئة الفرنكوفونية على غالبية الأمة الكاسحة التي كافحت الاستعمار، وتجاهد في التحلل من عُقده وترسباته"، وفق تعبيره. وكانت وزارة التربية الوطنية قد وجهت مذكرة وزارية، في أكتوبر الماضي، تدعو فيها مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين إلى البدء في تدريس مادتي الرياضيات والعلوم الفيزيائية باللغة الفرنسية، داخل مؤسسات التعليم الثانوي التأهيلي على مستوى الجذع المشترك والسنة الأولى باكالوريا، والحاضنة لمسالك العلوم والتكنولوجيات الميكانيكية، والعلوم والتكنولوجيات الكهربائية، وذلك بداية من الدخول المدرسي الحالي، على أن تعمم الخطوة ابتداء من الموسم 2016/2017.