تخليدا لذكرى أربعين سنة على تحرّك المسيرة الخضراء، وبعد أن أطلق الملك محمد السادس النموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، نشرت المندوبية السامية للتخطيط عددا من المعطيات المتعلقة بالنمو الاقتصادي والتنمية البشرية في هذه الأقاليم. وكشفت المندوبية في تقريرها الجديد أن التحول الديمغرافي لهذه الجهات يذهب في الاتجاهات المسجلة على الصعيد الوطني نفسها، لكنه يتميز عن بقية ربوع المملكة بقوة إيقاع التمدن، الذي بلغ 70 في المائة خلال سنة 2004 و77.3 في سنة 2014، متأثرا في ذلك بالظروف الطبيعية ومخلفات أمنية، وكذا بوتيرة نمو اقتصادي متسارعة وتحسن لشروط عيش السكان. وعلى المستوى الاقتصادي، تقترب المصادر القطاعية لخلق الثروة هي الأخرى، من حيث بنياتها، من تلك التي يعرفها الاقتصاد الوطني، مع حضور قوي للصيد البحري في القطاع الأولي، وزيادة سريعة لوزن القطاع الثانوي الذي انتقلت حصته من 15 في المائة إلى 22 في المائة بين سنتي 2004 و2013، حيث يسجل الناتج الداخلي الإجمالي بهذه الجهات نموا سنويا متوسطا معدله 8.9 في المائة، متفوقا على الناتج الداخلي الإجمالي على الصعيد الوطني الذي يقدر ب 6.1 في المائة. وبنمو بلغ معدله 5.8 في المائة في السنة خلال الفترة 2004 -2013، تجاوز الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد بهذه الجهات المعدل المسجل بجهة الرباط - سلا - القنيطرة ومكنه من تبوء المرتبة الثانية بعد جهة الدارالبيضاء – سطات. في ما يخص الخدمات الاجتماعية، كشفت المندوبية السامية للتخطيط أنه بين سنتي 2004 و2014 شهدت نسبة الأسر بالوسط الحضري التي تقيم في مساكن من نوع فيلا أو شقة في عمارة أو دار مغربية حديثة تحسنا ملحوظا، بعد أن انتقلت معه من 77.2 في المائة إلى 92 في المائة، فيما تقيم 53.8 في المائة منها بمساكن لا يتعدى عمرها 20 سنة. وتبعا للمصدر ذاته، تبلغ نسبة الأسر التي تقيم بمساكن يتراوح عمرها بين 20 و50 سنة 40.1 في المائة، كما تقيم تسعة أسر من كل عشرة بمساكن مرتبطة بشبكة عمومية لتوزيع الكهرباء، و93.7 في المائة تتوفر على الماء الصالح للشرب، فيما تلجأ 92.5 في المائة من الأسر لخدمات المصالح الجماعية للتخلص من النفايات المنزلية، و73.3 في المائة منها إلى شبكة الصرف الصحي، و15 في المائة للحُفَر الصحية للتخلص من المياه العادمة. ويمكن للجهات الجنوبية أن تفتخر بتحقيقها لأسرع وتيرة في ميدان تعميم التعليم، حيث انتقل المعدل الخام للتمدرس لدى الفئة العمرية 6-22 سنة من 67.4 في المائة سنة 2004 إلى 81.8 في المائة سنة 2014، في حين تطور هذا المعدل على المستوى الوطني وخلال الفترة نفسها من 56.1 في المائة إلى 74.9 في المائة، كما يلاحظ أن معدل التمدرس بهذه الجهات أعلى بكثير من 79.3 في المائة لجهة الدارالبيضاء - سطات و78.8 في المائة لجهة الرباط – سلا- القنيطرة، وهي الجهات الأكثر تطورا في هذا المجال. أما بالنسبة للفقر المتعدد الأبعاد، والذي يشمل مختلف أبعاد التقدم الاجتماعي ومعيشة وظروف سكن الأسر والتمدرس والصحة، بحسب المقاربة المسماة "أكسفورد" المعتمدة من طرف برنامج الأممالمتحدة للتنمية، فقد تراجع من 18.4 في المائة سنة 2001 إلى 4.3 في المائة سنة 2014، مقابل 27 في المائة و8.1 في المائة على التوالي على الصعيد الوطني.