احتضنت مدينة الصخيرات، صباح اليوم، أشغال المنتدى الاقتصادي الأول للبنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية (BERD)، بمشاركة عدد من الدول المتوسطية، وحضور كثيف من المسؤولين الحكوميين ورجال الأعمال من هذه الدول. وشدد عدد من المتدخلين، خلال الجلسة الأولى من هذا المنتدى، على ضرورة التعاون بين بلدان المنطقة من أجل تطوير اقتصادياتها، حيث أكد سوما شاكرابارتي، رئيس البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، أن من بين أبرز أهداف البنك مساعدة بلدان المنطقة من أجل تطوير اقتصادها، من خلال دعم المشاريع التنموية في مختلف المجالات الاقتصادية، خاصة على مستوى تطوير المشاريع المتعلقة بالطاقات المتجددة في كل من تونس والمغرب ومصر والأردن. شاكرابارتي شدد على ضرورة التنسيق بين هذه الدول من أجل تجاوز التحديات المشتركة التي تواجهها، خاصة مع تنامي المشاكل المرتبطة بالهجرة واللجوء، وكذا مواجهة التحديات المناخية، مؤكدا على ضرورة اتخاذ عدد من الإجراءات في هذا المجال. تنويه بالنموذج المغربي محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية، خلال تدخله في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الاقتصادي، استعرض النموذج الاقتصادي المغربي، حيث أكد أنه ينبني على المبادئ الليبرالية، ما جعله يطور إمكانياته الاقتصادية على الرغم مما اعتبره "مناخا عالميا متقلبا"، مضيفا أن ذلك يحتم على المغرب تجاوز التحديات التي تواجه نموه الاقتصادي. وقال بوسعيد، في هذا السياق، إن نمو الاقتصاد المغربي ليس مرتبطا فقط برجال الأعمال، بل "يجب أن تندمج فيه مختلف القطاعات والفعاليات بالمجتمع"، معتبرا أن "تطور الاقتصاد في المغرب يدخل ضمن مشروع مجتمعي متعدد الأبعاد". الوزير نوّه بالنموذج الاقتصادي المغربي، بعد أن أطلق عددا من المشاريع التنموية، من أجل تطوير قطاعات ممارسة الأعمال، والتعليم، والحكامة الجيدة، بالإضافة إلى الاندماج الاقتصادي، وسؤال النوع، في إشارة إلى إشراك المرأة في التدبير. وأكد المتحدث ذاته، أمام المسؤولين ورجال الأعمال الأجانب، أن المغرب قام بتطوير مقوماته الاجتماعية والثقافية، من خلال "المصالحة من التاريخ وإصلاح منظومة العدالة، بالإضافة إلى توسيع مجال الحريات الفردية وإطلاق مشروع الجهوية الموسعة، التي تستمد مبادءها من دستور 2011". بوسعيد أثار قضية المساواة بين الجنسين في الولوج إلى الفرص، وتضمينها في سياسات الدولة، بالإضافة إلى الدور الذي لعبته المبادرة الوطنية للتنمية البشرية في خلق مشاريع مدرة للدخل. ومن بين الإجراءات التي قامت بها المملكة من أجل تطوير نموذجها الاقتصادي والاجتماعي، يورد وزير الاقتصاد والمالية، إطلاقُ نظام الرعاية الصحية "راميد"، الموجه للفئات الهشة، وبرنامج "تيسير"، في مجال التعليم، ما أعطى، على حد تعبيره، "حلولا عديدة في مختلف المستويات". ونوه بوسعيد بالبنيات التحتية التي يتوفر عليها المغرب، مشددا على أنها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الماضية، حيث ضرب المثال على ذلك بميناء طنجة المتوسطي، وميناء الناظور، "وهذا ما ساهم في تطور الاقتصاد المغربي"، يقول بوسعيد. تنسيق حتمي بدورها، شددت مريم بنصالح شقرون، رئيسة الاتحاد العام لمقولات المغرب، على ضرورة التنسيق بين دول المنطقة من أجل تجاوز الصعوبات الاقتصادية التي تواجهها، والبحث عن حلول بديلة للمشاكل التي تعاني منها، مضيفة أنه "ليس هناك مستحيل، كما أنه لا توجد حلول جاهزة". وأشارت بنصالح، خلال حديثها عن الخصائص التي تميز المغرب عن غيره من بلدان المنطقة، إلى أن الاستقرار السياسي يعد من بين أبرز الركائز التي يقوم عليها الاقتصاد المغربي، مؤكدة أن ذلك يساهم في "خلق مناخ أعمال مناسب لرجال الأعمال". بنصالح شددت على ضرورة الحد من البيروقراطية المعقدة من أجل تسهيل عمل المقاولات، مؤكدة على ضرورة الانفتاح على أسواق جديدة، لأن "هذا الانفتاح ليس رفاهية بالنسبة للمقاولات، وإنما يعد ضرورة على الرغم من أنه لا زال هناك مسار دولي من أجل تحقيق ذلك". وأبرزت المتحدثة ذاتها أن المغرب قام بتطوير عدد من البنيات التحتية والإدارة من أجل تطوير مناخ الأعمال، مشيرة إلى وجوب تطوير التجارة الخارجية والانفتاح على بلدان ليست بالضرورة أوروبية، والبحث عن استثمارات جديدة. وعلى الرغم من انفتاح دول المنطقة، تقول رئيسة الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وتوقيعها للاتفاقية العربية المتوسطية للتبادل الحر في 2004 ودخولها حيز التنفيذ في 2007، إلا أن هذه الدول لم تستفد من هذه الاتفاقية إلا بنسبة 2 في المائة. وكشفت المتحدثة ذاتها أنه سيتم، خلال الأيام المقبلة، بمدينة الدارالبيضاء، تأسيس مجلس أعمال يضم عددا من دول المنطقة.