أعزائي الموقعين على العريضة الموجهه لوزير الداخلية : تبعا للمظاهرة الحاشدة التي احتضنتها الدارالبيضاء تضامنا مع الشعب الفلسطيني، وبعد إطلاق حملة لجمع التوقيعات للاعتراض على هذه المظاهرة، والتي أرفقت بصور فوتوغرافية لمشاهد "إعدام اليهود"، أتقدم لكم برأيي المتواضع ليس فقط كمناضل ضد الاستعمار حظي بفرصة العمل في فلسطين من دجنبر عام 1994 إلى أبريل عام 2008، ولكن و قبل أي شيء كإنسان متشبث بالتعايش اليهودي العربي منذ طفولته في أحياء طنجة الفقيرة ثم حياته في بارباس وخانيونس والقدس ونابلس . لقد شاهدت الصور المنشورة، والفيديوهات التي تداولها منظمو المظاهرة والمتعاطفون معهم، واستمعت إلى أصدقاء مغاربة من انتماءات شتى كانوا حاضرين في المسيرة و نفوا جميعا رفع شعارات معادية للسامية. كما تحدثت إلى صديقي سيون أسيدون ابن الدارالبيضاء والناشط في حركة مقاطعة اسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها في المغرب، وأحد منظمي المسيرة الذي أكد لي أن المقصود بالشخصيات التي تم تجسيدها في المشاهد التمثيلية أثناء المسيرة هم المقاومين الفلسطينيين في نضالهم ضد المستوطنين وليس ضد اليهود كيهود. أما العلم المحترق فهو علم دولة تحتل أرض غيرها منذ ما يربو على 60 عاما وليس راية نجمة داود المحفورة على كنسنا أو مقابرنا اليهودية، لقد جالت الصور المشوهة التي نشرتموها يا أصدقائي العالم، وانتشرت انتشار النار في الهشيم لتصور بلدنا و كأنها القبلة الجديدة لمعاداة السامية، ولكني أستطيع طمأنتكم أن تراثنا اليهودي الإسلامي سيتغلب على معاداة السامية الحقيقية التي تنتجها اسرائيل. لقد صدم شبابنا المغاربة بما شاهدوه من صور للجنود ووالأطفال الإسرائيليين وهم يرسمون رسائل محملة بالكراهية على القنابل التي تسقط على المدنيين في غزة، و آلمهم مرور جرائم اسرائيل بلا عقاب. هذه الدولة التي أعلن حكماء مثل إدمون عمران المليح وشمعون ليفي وابراهيم السرفاتي أنها "لم تكن يوما دولة لجميع اليهود"، أما أنا، من يكبر قليلا هؤلاء الشباب، فقد صدمني منظر المستوطنين الصغار من المتدينين وهم يرقصون بنجمة سيدنا داوود للاحتفال بحرمان الأطفال في غزة من مدارسهم في بدء العام الدراسي. يا أصدقائي، ما قام به قلة من شباب الدارالبيضاء في المسيرة، على فرض خطأه، يمكن إصلاحه، بوسعنا دائما أن نتوجه إليهم بالحوار لبحث طريقنا معا ومصيرنا المشترك، وبوسعنا مطالبة وزير التعليم بمناهج دراسية تتضمن الفصول الرائعة من العيش المشترك التي سطرت في تاريخنا مثل موسى بن ميمون وليون الإفريقي ومحمد الخامس الذي رفض تسليم إخواننا إلى ميليشيات فيشي . أما ما يصعب إصلاحه أو التعويض عنه فهو ما يقوم به رئيس دولة يضع يده على أزرار أسلحة نووية ويخرب بأفكاره الشيطانية عقود من التثقيف والبحث و جمع الشهادات في وجه من ينكرون المحرقة. لم تضحكني التصريحات الأخيرة لنتنياهو بل أبكتني، رئيس الدولة هذا، الذي يقول عن نفسه أنه يهودي، لا يريد فقط أن يشكك بحق الفلسطينيين بدولة قابلة للحياة كما تنص على ذلك قرارات الأممالمتحدة، و لكنه يريد أيضا أن يشكك بمسؤولية هتلر والنازية عن محرقة اليهود في أوروبا، وبالطبع ابتهجت المواقع المعادية للسامية والنازية والناكرة للمحرقة بهذه التصريحات المهينة لذاكرة أكثر من ستة مليون من الضحايا الأبرياء في تريبلينكا وخيلمنو و ببلسيك وأوشفيتز جلهم من اليهود، ورددتها . أيها الأصدقاء الأعزاء، لقد لعبت المظاهرات السلمية التي قام بها شبابنا في الأحياء الشعبية في 20 فبراير 2011 دورا أساسيا في حصولنا على الدستور الجديد الذي يؤكد على أننا ورثة شرعيين لتاريخنا اليهودي الإسلامي الأمازيغي العربي الصحراوي الأندلسي . أما عريضتكم فمنحت، ربما بغير قصد، مادة دسمة للمواقع الإسرائيلية الأكثر تطرفا و يمينية فتم استعمال الصور ليقولوا للعالم أنه حتى في الدارالبيضاء يشحذ المجرمون سكاكينهم لذبح اليهود كما وقع في المجازر التي ارتكبت بحق اليهود في أول نونبر عام 1938 أكرر مرة أخرى يا أصدقاء، إن التضامن مع الشعب الفلسطيني هو ما سيجمعنا على قيم الألفية الجديدة، أما الدولة الاستعمارية فلن تنتج إلا فيروسات الكره ورفض الآخر.